أصدر بنك الكويت المركزي بيانا صحافيا بمناسبة انتهاء مهمة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد خلال الفترة من 24 سبتمبر الى 8 الجاري في اطار المشاورات الدورية السنوية لعام 2024 بموجب المادة الرابعة لاتفاقية انشاء الصندوق.
وقال «المركزي»، في بيان صحافي، انه تولى بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والجهات المحلية المعنية انجاز الترتيبات الخاصة بتلك الزيارة بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية لمناقشة الاوضاع الاقتصادية والسياسة المالية والسياسة النقدية ومتانة القطاعين المصرفي والمالي، وفيما يلي عرض موجز لمحتويات البيان:
على صعيد اداء الاقتصاد المحلي، اشار خبراء صندوق النقد الدولي الى تباطؤ مسار التعافي الاقتصادي خلال عام 2023، وحسب تقديراتهم سجل الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي انكماشا بنسبة 3.6% (انكماش القطاع النفطي بنسبة 4.3%، وانكماش القطاعات غير النفطية بنسبة 1%) في عام 2023، وجاء هذا الانكماش مدفوعا بشكل اساسي بانخفاض اسعار النفط وكميات انتاجه وتراجع النشاط الصناعي في قطاعات تكرير النفط، ومن المتوقع ايضا انكماش الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 3.2% في عام 2024 بسبب تخفيض اضافي في الانتاج النفطي في اطار قرار «أوپيك+»، كما يتوقع خبراء الصندوق استمرار التعافي الاولي للقطاعات غير النفطية لتسجل نموا بنحو 1.3% في عام 2024 على الرغم من اجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.
وحول مستويات الاسعار المحلية، شهد معدل التضخم السنوي في الكويت تراجعا ليصل الى نحو 3.6% في عام 2023 نتيجة لانخفاض كل من التضخم الاساسي واسعار المواد الغذائية، وفي الفترة الاخيرة تراجع معدل التضخم السنوي بشكل كبير ليبلغ نحو 2.9% في اغسطس 2024 نتيجة لانخفاض الاسعار في مجموعات الاسكان والنقل، ومن المتوقع مواصلة معدلات التضخم السنوية انخفاضها لتصل الى 3% في عام 2024 مع تراجع الضغوط على الطلب وانخفاض اسعار المواد الغذائية المستوردة.
وأشار خبراء الصندوق الى ان الموازين الداخلية والخارجية تراجعت خلال العام الماضي نتيجة انخفاض اسعار النفط وكميات انتاجه، حيث تحول رصيد الموازنة من فائض مالي بنسبة 11.7% من الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية 2023/2024، ويعزى ذلك بشكل رئيسي الى انخفاض الايرادات النفطية بنسبة 5.8% من الناتج المحلي الاجمالي مدفوعا بانخفاض اسعار النفط وكميات انتاجه، وذلك مع زيادة الانفاق الجاري بنسبة 9.7% من الناتج المحلي الاجمالي.
وتشكل فاتورة اجور القطاع العام والدعوم الحكومية نحو 5.7% و3.4% من الناتج المحلي الاجمالي على الترتيب. وتماشيا مع ذلك، تقلص الفائض في الحساب الجاري ليبلغ نحو 31.4% من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2023، وذلك مع انخفاض فائض الميزان التجاري للسلع الخدمات بنسبة 10.3% من الناتج المحلي الاجمالي نتيجة انخفاض اسعار النفط العالمية وكميات انتاجه، وهو ما تم تعويضه بزيادة فائض ميزان الدخل بنسبة 7.4% من الناتج المحلي الاجمالي.
وأكد خبراء الصندوق على متانة وقوة القطاع المصرفي الكويتي نظرا للمتطلبات الرقابية الحصيفة لبنك الكويت المركزي في عمليات الاقراض وبناء المخصصات الكافية لها. ووفقا لنتائج اختبارات الضغط التي اجراها البنك المركزي، تجاوزت نسب السيولة والرسملة للقطاع المصرفي الحد الادنى لمتطلبات «بازل 3» مع بقاء معدلات القروض غير المنتظمة منخفضة.
وأشاد خبراء الصندوق بحصافة «المركزي» في احتواء وادارة المخاطر النظامية. ولفتوا الى ان تباطؤ الائتمان الناجم عن الجائحة قد بدأ في التراجع تدريجيا، وان موقف «المركزي» على صعيد السياسة التحوطية الكلية كان مناسبا نظرا لاحتواء المخاطر النظامية ونمو الائتمان الضعيف.
والسياسات النقدية والمالية للمحافظة على الاستقرار المالي الكلي، أشار خبراء الصندوق إلى ان نظام سعر صرف الدينار الكويتي المربوط بسلة «غير معلنة» من العملات يعتبر ركيزة ملائمة للسياسة النقدية، مؤكدين مساهمة هذا النظام في بقاء التضخم منخفضا ومستقرا لسنوات عديدة، ويتطلب الحفاظ على هذا السجل الناجح للسياسة النقدية المحافظة على استقلالية البنك المركزي.
وتطرق الخبراء الى ان موقف «المركزي» على صعيد تقييد السياسة النقدية كان ملائما للاوضاع الاقتصادية المحلية، كما اشاروا الى ان نظام سعر الصرف يوفر مرونة نسبية للسياسة النقدية، حيث يتماشى سعر الفائدة الحالي مع احتواء معدلات التضخم واستقرار الناتج للقطاعات غير النفطية.
ولجهة المخاطر المرتبطة بالتوقعات الاقتصادية، اشار خبراء صندوق النقد الدولي الى ان الاقتصاد الكويتي معرض بشدة لمجموعة متنوعة من المخاطر العالمية بسبب اعتماده على النفط، خاصة فيما يتعلق بتقلبات اسعار السلع الاساسية، وتغيرات النمو العالمي، وتفاقم الصراعات الاقليمية.
وتنتقل تلك المخاطر الى الاقتصاد بشكل اساسي من خلال تأثيرها على اسعار النفط وكميات انتاجه. وترتبط المخاطر المحلية بشكل اساسي بمدى تنفيذ الاصلاحات المالية والهيكلية، وتعد تلك الاصلاحات ضرورية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، مما يعزز من مرونته وتحفز الاستثمار الخاص.؟
وذكر خبراء الصندوق الى ان الكويت تتطلع الى تنفيذ اصلاحات لدعم التحول الى اقتصاد ديناميكي ومتنوع، ولتحقيق ذلك الهدف هناك حاجة الى ضبط اوضاع المالية العامة بشكل كبير على جانب الانفاق العام وجانب الايرادات غير النفطية، واشاروا الى ان الحد من الانفاق الجاري يتطلب ترشيد فاتورة اجور القطاع العام، والتخلص التدريجي من الدعم الكبير للطاقة والاستعاضة عنه بدعم موجه الى الفئات الاضعف.
واضافوا: ولزيادة الايرادات غير النفطية، يجب ادخال ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية، بالاضافة الى ذلك، رحبت البعثة بخطة الحكومة لتوسيع ضريبة دخل الشركات لتشمل جميع الشركات المحلية الكبرى، واشارت البعثة الى ان وجود اطار متوسط الاجل للمالية العامة وللاقتصاد الكلي من شأنه ان يعزز قدرة الحكومة على تحليل السياسة المالية والتنبؤ بها، بما في ذلك وضع اطار للقواعد المالية مع تحديد سقف للدين العام وهدف لرصيد الموازنة العامة للقطاعات غير النفطية. كما يتعين تيسير تمويل المالية العامة من خلال اصدار قانون للسيولة والتمويل الحكومي على وجه السرعة.
وعن تحديات سوق العمل تطرق خبراء الصندوق الى ان تعزيز التنوع الاقتصادي يتطلب اجراء اصلاحات كبرى في سوق العمل، ولتشجيع الكويتيين على البحث عن عمل في القطاع الخاص، ينبغي ان تكون التعويضات وظروف العمل اكثر انسجاما بين القطاعين العام والخاص، ومن شأن تحسين جودة التعليم ومواءمته مع احتياجات القطاع الخاص أن يرفع الانتاجية ويدعم التنوع الاقتصادي.
وبشأن تقييم النظام الاحصائي في الكويت، أكد خبراء الصندوق على أهمية توافر البيانات الاحصائية وعدم تأخر صدورها في عملية صنع وتحليل السياسات، حيث اشاروا الى تأخر صدور بيانات الحسابات القومية حسب الانفاق لعام 2023، ودعا خبراء الصندوق السلطات الكويتية لدعم جهود الادارة المركزية للاحصاء بشكل عاجل لتعزيز قدرتها واستئناف المسح السنوي للمنشآت. كما دعا خبراء الصندوق الى تحسين احصاءات المالية الحكومية وتحسين احصاءات وضع الاستثمار الدولي (IIP).