تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا تحولًا استثماريًا جذريًا، مع تزايد تدفقات رأس المال إلى هذه الأسواق، ما يعكس إعادة تموضع دائم لرؤوس الأموال العالمية بعيدًا عن المراكز التقليدية. ويأتي ذلك في ظل إصلاحات اقتصادية هيكلية مكثفة، وزيادة في الاستثمارات الضخمة، ما يعزز من جاذبية المنطقة للمستثمرين الدوليين.
بحسب بنك “إتش إس بي سي“، يُتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا نحو 4 تريليونات دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2025، بزيادة تفوق 40% مقارنة بفترة ما قبل جائحة كوفيد-19.
ويشير هذا النمو إلى تحولات كبيرة في المشهد الاقتصادي، حيث أصبحت المنطقة لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل تدفقات رأس المال العالمية.
انعقد منتدى “إتش إس بي سي” السنوي في دبي بمشاركة قياسية تجاوزت 800 مشارك، حيث جمعت الفعالية مستثمرين دوليين مع ممثلي الأسواق المالية من مختلف دول المنطقة.
وناقش المشاركون مستقبل الاقتصاد في ظل التحولات الجارية، مع التركيز على الفرص الاستثمارية الجديدة وممر التجارة المتنامي مع آسيا.
وأكد سليم كيرفنجيه، الرئيس التنفيذي لبنك “إتش إس بي سي” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا، أن الأسواق المالية التقليدية باتت تتكيف مع واقع جديد، حيث أصبحت المنطقة محورًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي العالمي.
وأضاف أن الإنفاق الرأسمالي غير المسبوق، والذي يصل إلى 3 تريليونات دولار أمريكي في دول مجلس التعاون الخليجي، يُعيد رسم خريطة الاستثمار العالمية، ما يخلق فرصًا هائلة في قطاعات مختلفة.
وفي هذا السياق، يشهد نشاط السوق الأولية في المنطقة ازدهارًا، مع تزايد إصدارات الأسهم والسندات، حتى في ظل التباطؤ العالمي.
ووفقًا لنبيه رحيم البلوشي، رئيس الأسواق وخدمات الأوراق المالية في “إتش إس بي سي”، لم يعد التساؤل حول جدوى الاستثمار في المنطقة، بل حول كيفية تحقيق أقصى استفادة من هذه التحولات التاريخية.
وشملت أعمال المنتدى مناقشات مكثفة حول الابتكار في أسواق رأس المال، والدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في تشكيل القطاع المالي.
كما تم تخصيص جلسات لمجالات استثمارية ناشئة، مثل قطاع المنتجات الفاخرة، الذي يُتوقع أن يولد أكثر من 20 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العقد، وصناديق التحوط، التي تشهد ازدهارًا كبيرًا في الإمارات.
تعكس هذه التغيرات الهيكلية الدور المتنامي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا في الاقتصاد العالمي، ما يجعلها وجهة رئيسية لرؤوس الأموال الباحثة عن فرص نمو مستدامة، ويدفعها لتكون إحدى أهم القوى الاقتصادية في العقود القادمة.