دعا صندوق النقد الدولي تركيا إلى الاستمرار في تشديد سياستها النقدية والاعتماد على البيانات حتى يقترب التضخم من المعدل المستهدف. جاء ذلك بعد انتهاء مشاورات مع تركيا في إطار المادة الرابعة من اتفاقية الصندوق.
وذكر الصندوق أن التحول في السياسة النقدية التركية ساهم في تقليل الاختلالات الاقتصادية واستعادة الثقة، مشيراً إلى أن تحسن المعنويات في السوق انعكس إيجابياً على المستثمرين المحليين والأجانب الذين بدأوا في التوجه نحو الأصول المقومة بالليرة التركية.
من جانبها، قام البنك المركزي التركي برفع سعر الفائدة من 8.5% إلى 50% في محاولة للسيطرة على التضخم المتسارع.
إضافة إلى ذلك، زادت الحكومة التركية الضرائب وبعض الرسوم لتعزيز الإيرادات الحكومية. كما اتخذت الحكومة تدابير مالية تهدف إلى الحد من المخاطر التي يواجهها الاقتصاد التركي.
التضخم المزمن
خلال العامين الماضيين، عانت تركيا من تضخم مرتفع وصل إلى ذروته في أكتوبر 2022 عندما بلغ 85.5%، ثم تراجع قليلاً ليصل إلى 75.45% في مايو 2023. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من التضخم، إلا أن التحديات لا تزال قائمة.
وزير المالية التركي محمد شيمشك أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة تهدف إلى خفض التضخم إلى 17.6% بحلول نهاية عام 2025، وأقل من 10% بحلول عام 2026. هذه الأهداف تتطلب استمرار السياسات النقدية والمالية المشددة.
وعلى الرغم من أن الرئيس رجب طيب أردوغان كان يدافع عن سياسة خفض الفائدة، معللاً ذلك بأسباب دينية، إلا أنه بعد إعادة انتخابه في مايو 2023، سمح للبنك المركزي برفع سعر الفائدة إلى 50%. هذا التحول في السياسة النقدية يعتبر خطوة هامة في مسار مكافحة التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد التركي.
التحديات الاقتصادية المستمرة
خبراء الاقتصاد يرون أن مشكلة التضخم في تركيا أصبحت مزمنة، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي. يشير البعض إلى أن السياسات الحكومية ليست كافية لكبح جماح التضخم، وأن العجز الكبير في الموازنة يشكل تحدياً كبيراً.
بلغ العجز في الموازنة التركية مستوى قياسياً وصل إلى 129.6 مليار ليرة (3.7 مليار دولار). وفي إطار محاولات معالجة هذا العجز، قدم المشرعون الأتراك في يونيو الماضي مقترحات لزيادة الضرائب، بهدف إصلاح الموازنة التي تضررت نتيجة الزلازل التي شهدتها تركيا في عام 2023.
من المتوقع أن تسهم هذه الإصلاحات الضريبية في تحقيق إيرادات إضافية تقدر بـ 226 مليار ليرة (6.90 مليار دولار)، أي ما يعادل 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوات ستكون كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد.
