أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، اليوم الخميس أنها ستزور مصر خلال الأيام العشرة المقبلة، بهدف متابعة الأوضاع الاقتصادية عن قرب ودعم التزام البلاد بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
تأتي هذه الزيارة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، نتيجة للاضطرابات الإقليمية التي تشمل حرب إسرائيل على غزة ولبنان والصراع في السودان، والتي أدت إلى خسارة مصر نسبة 70% من إيرادات قناة السويس، أحد أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد.
في مارس الماضي، حصلت مصر على حزمة دعم مالي من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، تضمنت التزامًا بخفض دعم الوقود والكهرباء وتحرير سعر صرف الجنيه المصري.
ورغم ذلك، أثارت هذه الإصلاحات غضبًا واسعًا بين المواطنين بسبب الأعباء المتزايدة على المعيشة.
وأشارت جورجيفا إلى أن الصندوق منفتح على إعادة النظر في برنامج الدعم المالي المصري، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الحالية، مؤكدة على أن الحلول المؤقتة لن تكون في مصلحة الشعب المصري.
في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرًا من أن مصر قد تضطر إلى إعادة تقييم برنامجها مع صندوق النقد الدولي، ما لم يتم الأخذ في الحسبان التحديات غير التقليدية التي تمر بها المنطقة.
من جانبه، قامت الحكومة المصرية بزيادة أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام، بنسبة تتراوح بين 11% و17%.
كما شهدت أسعار الخبز المدعوم ارتفاعًا بنسبة 300% في يونيو، بينما أعلنت الحكومة أن أسعار الوقود ستستمر بالارتفاع تدريجيًا حتى نهاية عام 2025.
وأكد السيسي أن بلاده فقدت ما بين 6 و7 مليارات دولار من الإيرادات خلال الأشهر الماضية، مع توقعات بأن يمتد هذا الوضع لعام آخر، مضيفًا أن التوترات البحرية، وخاصة هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، أجبرت العديد من السفن على تجنب قناة السويس، مما أدى إلى انخفاض إيرادات القناة إلى 870 مليون دولار في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بإيرادات بلغت 2.54 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن صندوق النقد الدولي طلب تأجيل المراجعة الرابعة لبرنامج القرض المصري إلى ما بعد انتهاء الاجتماعات السنوية الحالية في واشنطن، والتي تنتهي السبت المقبل.
كان من المقرر أن يجري الصندوق مراجعة لبرنامج القرض في نهاية سبتمبر الماضي، إلا أن هذه المراجعة أُجلت دون تحديد موعد جديد، مما حال دون حصول مصر على الشريحة التالية من القرض، التي تقدر بـ1.2 مليار دولار.
تتضمن الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من صندوق النقد عدة محاور، أهمها الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وتشديد السياسة النقدية والمالية، مع ضبط الإنفاق على البنية التحتية للحد من التضخم وتحقيق استدامة الدين.
كذلك، يدعو الصندوق إلى تحسين بيئة الأعمال لدعم القطاع الخاص، باعتباره محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي في مصر.
تشكل هذه الإصلاحات تحديًا للحكومة المصرية في ظل الظروف الاقتصادية الإقليمية غير المستقرة.
ومع تأجيل مراجعة صندوق النقد، يبقى مستقبل برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري معلقًا على قدرة الحكومة على التكيف مع المتغيرات، والعمل على تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي لتحسين مستوى معيشة المواطنين وتجنب الأزمات المالية المحتملة.
