بزنس ريبورت الإخباري- أطلق أصحاب اختصاص في الشأن المالي وشخصيات برلمانية تحذيرات من حدوث كارثة اقتصادية في العراق عام 2021.
ونبه هؤلاء إلى خطورة امتناع الحكومة العراقية عن إعادة رسم سياستها التقشفية وصياغة الموازنة التي أرسلتها قبل أيام للبرلمان بغرض التصويت عليها.
اجراءات حكومية
وشهد العراق خلال أقل من شهر تحولات كبيرة على مستوى الاجراءات الحكومية لاحتواء الأزمة المالية التي نتجت عن تراجع أسعار النفط.
كان من أبرزها، تخفيض قيمة الدينار العراقي لمستوى قياسي بلغ 1450 ديناراً مقابل الدولار، بعد أن كان طوال السنوات الماضية عند عتبة 1200 دينار.
بهدف تقليل العجز بين إيرادات البلاد المالية من النفط، ومعدلات الإنفاق من الموازنة التي تذهب معظمها لدفع مرتبات الموظفين والمتقاعدين.
صباح العكيلي، النائب في البرلمان العراقي، قال: ” بالرغم من إن موازنة 2021 التي قدمتها الحكومة للبرلمان من أجل التصويت عليها، موازنة انفجارية وتعد الأكبر من بين موازنات العراق”.
وتبلغ الموازنة أكثر من 150 تريليون دينار (نحو 112 مليار دولار) بعجز يصل إلى نحو 70 تريليون دينار، إلا أن الوضع الاقتصادي في البلاد يسير نحو كارثة اقتصادية.
وذلك بسبب ” عدم وجود خطط اقتصادية مدروسة في إعداد الموازنة وزيادة حجم الإنفاق بالرغم من ارتفاع العجز المالي في الموازنة”.
وذكر العكيلي أن ” عدم قدرة الحكومة على تعظيم موارد الدولة وفقدان سيطرتها على كثير من الإيرادات في ظل التخفيض الكبير للعملة المحلية، وعدم تنشيط الجانب الصناعي والزراعي والقطاع الخاص”.
وأوضح أن ذلك “سيدفع البلاد نحو أزمة اقتصادية لا تحمد عقباها وستكون نتائجها كارثية على الحكومة والمجتمع العراقي، لا سيما بعد إغراق العراق بالديون الداخلية والخارجية”.
وقال العكيلي ” إن ربط الموازنة بسعر برميل مبني على التكهنات هو بحد ذاته خطر محدق بالعراق العام الجاري 2021″.
توقعات
إذ تم إعداد الموازنة على سعر برميل يبلغ 42 دولار، ضمن توقعات ورؤى أعدتها لجنة تابعة لوزارة النفط العراقية.
مصادر أخرى في البرلمان العراقي، أشارت إلى أنه ” من المتوقع إخضاع الموازنة لعدة تعديلات تتعلق برفض الاستقطاع من
مرتبات الموظفين وتقليل نفقات في جوانب عدة “.
إضافة إلى وجود عدة اعتراضات بسبب عدم وجود أي مخصصات للمدن المحررة من تنظيم “داعش”، التي تعاني دماراً
واسعاً في البنى التحتية ومنازل المواطنين.
أكبر الصعوبات التي تواجه الموازنة تتمثل في استمرار اعتمادها على النفط بشكل كبير دون الالتفات إلى موضوع تعظيم موارد
الدولة من الزراعة والصناعة والاستثمارات وغيرها.
كما أن اللجنة المالية في البرلمان العراقي، حذرت من إفلاس الحكومة بعد مرور ستة أشهر من تمرير مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021.
وفي بيان اللجنة المالية، قال عضو البرلمان عبد الهادي السعداوي، ” إن الموازنة المرتقبة التي أعدتها الحكومة العراقية لن تُحقق
أي إصلاح اقتصادي، والبرلمان سيرفض المساس برواتب الموظفين”.
في إشارة إلى تضمين الموازنة فقرة فرض ضرائب بنسب متفاوتة على مرتبات الموظفين والمتقاعدين.
وقال أيضاً إن “الإجراءات الاقتصادية ستُعرض البلاد للإفلاس بعد ستة أشهر من تمرير الموازنة، والحكومة ليس لديها
رؤية اقتصادية لحل الأزمة فضلا عن منحها أمولاً لحكومة إقليم كردستان بشكل مخالف للقانون”.
علقت اللجنة المالية البرلمانية، على حديث رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مؤخراً بشأن الإصلاح في موازنة 2021 بأنه متناقض.
حيث كان عام 2020، العام الأسوأ للدول المنتجة للنفط من بينها العراق، بسبب تفشي وباء كورونا الذي أدى إلى تدهور غير
أسعار النفط
مسبوق في أسعار النفط بسبب تراجع الطلب عليه حيث وصل إلى أقل من 20 دولارا للبرميل وهو الأقل منذ 18 عاما.
ومن أجل تعديل سعر السوق النفطي لجأت منظمة أوبك وبلدان مصدرة أخرى خارج أوبك من ضمنها روسيا إلى اتفاق عرف
باتفاق (أوبك+) لتقليص الإنتاج.
أدى ذلك الاتفاق لتخفيض صادرات النفط العراقية، لتصل الإيرادات إلى أقل من الحد الذي يوفر مرتبات الموظفين والمتقاعدين،
مسببة مشكلة مالية كبيرة نهاية العام الماضي، على أثرها اضطر البنك المركزي إلى تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي.
وفي تصريح لنائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، قال إن ” الموازنة تبنى إيراداتها على توقعات ثبات أسعار النفط أو
زيادتها رغم أن تقارير مهمة تشير إلى أزمة مالية ستواجه العالم مطلع العام القادم”.
كارثة مالية
وأضاف أن هذا ” يعني أننا مقبلون على كارثة إن لم نتفاداها بمراجعة علمية واقعية وليست سياسية”.
في ذات السياق، رأت الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، ” أن تصويت البرلمان على فقرات الموازنة يعني أن العراق مقبل
على أزمة مالية كبيرة في الأيام القادمة”.
وذلك؛ ” لأن الموازنة لم تدرس بشكل صحيح وبعيدة عن الواقع الاقتصادي الذي نعيشه”.
وفي تعقيبها على الموازنة، قالت الخبيرة الاقتصادية، أن ” معظم فقرات الموازنة العامة أثبتت عدم وجود سياسة اقتصادية
واجتماعية لإنقاذ المجتمع من كارثة اقتصادية محدقة”.
وتوقعت أن الأزمة المالية التي يمر بها العراق ستنعكس بشكل أو بآخر على المجتمع العراقي، ما ستؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر،
حيث أنه من الممكن أن تصل نسبتها إلى 60%.
وبالتأكيد سينخفض مستوى الفرد المعيشي، وذلك من خلال تراجع مستوى الخدمات والتعليم والصحة والمياه والكهرباء.
كما كشفت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، الاثنين الماضي، عن أن قيمة الأموال المهربة للخارج في إطار عمليات فساد
على مدار 16 سنة ماضية، بلغت نحو 350 تريليون دينار (241 مليار دولار)، مما يزيد من الأزمة الاقتصادية.
لمتابعة أخر التقارير الاقتصادية العربية والعالمية انقر هنا
