تتزايد المخاوف العالمية من التداعيات المتسارعة للاحتباس الحراري، حيث يشكل ارتفاع مستوى سطح البحر تحدياً خطيراً يهدد المدن الساحلية والبنية التحتية الحيوية، ومن أبرز هذه التهديدات، الموانئ النفطية التي تعد شرياناً أساسياً لاقتصاديات العديد من الدول، حيث يتسبب ذوبان الجليد القطبي وتمدد مياه المحيطات بفعل الاحتباس الحراري في ارتفاع منسوب مياه البحر بشكل ملحوظ.
وفقاً لتقرير حديث صادر عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ارتفع متوسط مستوى سطح البحر بين 21 و24 سم منذ عام 1880، ومن المتوقع أن يزداد بمعدل يتراوح بين 40 و63 سم بحلول عام 2100.
هذا الارتفاع يُهدد بإحداث أضرار جسيمة، خاصة للموانئ النفطية التي تعتمد عليها التجارة العالمية.
وتشير دراسة نشرتها صحيفة “الغارديان” إلى أن موانئ رئيسية مثل رأس تنورة وينبع في السعودية، وهيوستن وجالفستون في الولايات المتحدة، معرضة لخطر الغرق نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد فقط.
السعودية، التي تعد أحد أكبر مصدري النفط في العالم، تعتمد بشكل كبير على موانئها النفطية في تصدير 98% من إنتاجها النفطي.
توقف موانئ مثل رأس تنورة وينبع سيؤدي إلى تعطيل تصدير نحو 8% من النفط العالمي، وفقاً للخبير الاقتصادي د. زياد الهاشمي.
موانئ قطر تسجل أعلى معدلات مناولة الحاويات والبضائع في شهر واحد حتى الآن
مثل هذا التعطيل قد يؤدي إلى شلل في أسواق الطاقة العالمية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط، مما يخلق أزمات اقتصادية واسعة النطاق.
علاوة على التأثيرات الاقتصادية، فإن غرق الموانئ النفطية يحمل تداعيات بيئية خطيرة. تسرب المواد النفطية إلى مياه البحر المالحة يمكن أن يسبب تلوثاً بحرياً يصعب معالجته، ويتطلب سنوات طويلة لإعادة التوازن البيئي.
المختص البيئي عمر عبد اللطيف يشير إلى أن هذه التحديات لا تقتصر على الآثار الاقتصادية، بل تمتد إلى أضرار بيئية واسعة النطاق تهدد الحياة البحرية والنظام البيئي.
لمواجهة هذا التهديد المتنامي، يمكن للدول تبني حلول مبتكرة، مثل بناء كواسر الأمواج، زيادة ارتفاع الأرصفة البحرية، وإنشاء سدود آلية لتنظيم مستويات المياه.
على سبيل المثال، تُطبق هولندا نظام “دلتا وركس” لإدارة الفيضانات، وهو نموذج يمكن أن يُستفاد منه في حماية الموانئ العالمية.
ومع ذلك، تبقى الجهود الحالية غير كافية إذا لم يتم تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كبير.
العلماء يحذرون من أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد قد يصبح أمراً حتمياً بحلول عام 2070، مما يفرض الحاجة إلى تحرك عاجل لمواجهة الاحتباس الحراري وتجنب الكوارث الاقتصادية والبيئية التي قد تغير شكل العالم.
