يواصل القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات تحقيق معدلات نمو قوية، مما يعكس استقرار الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التحديات العالمية.
وفقاً لمؤشر “ستاندرد آند بورز غلوبال” لمديري المشتريات، حافظ القطاع على معدل نمو موسمي بلغ 55 نقطة خلال شهر فبراير، وهو نفس المستوى المسجل في يناير.
يعد هذا المعدل أعلى بكثير من مستوى 50 نقطة، الذي يمثل الحد الفاصل بين النمو والانكماش، مما يدل على استمرار التوسع في الإنتاج والطلب داخل البلاد.
تحقيق هذا المستوى من النمو يعكس البيئة الاقتصادية الإيجابية التي تتمتع بها الإمارات، حيث تستفيد الشركات من بيئة استثمارية مستقرة وسياسات حكومية داعمة.
ومع ذلك، فقد شهد نمو الطلبيات الجديدة بعض التراجع الطفيف للشهر الثاني على التوالي، حيث انخفض مؤشر الطلبيات إلى 57.3 نقطة في فبراير مقارنة بـ 59.0 نقطة في يناير. ورغم هذا التراجع النسبي، لا يزال الطلب قوياً، مما يساهم في استمرارية توسع القطاع.
يواجه القطاع بعض التحديات التي تؤثر على وتيرة النمو، مثل القيود المفروضة على العمالة وتأخير عمليات الدفع، مما أدى إلى ارتفاع التراكمات في العمل.
كما أن المنافسة الشديدة بين الشركات تحدّ من إمكانية رفع الأسعار، ما يشير إلى بيئة اقتصادية تسعى للحفاظ على استقرار الأسواق وضمان استدامة النمو. ورغم ذلك، شهدت تكاليف الإنتاج ارتفاعاً طفيفاً، مما أدى إلى زيادة محدودة في تضخم أسعار البيع خلال الشهر الماضي.
يعد مؤشر مديري المشتريات أحد الأدوات المهمة التي تعكس أداء النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص غير النفطي، حيث يعتمد على تحليل مجموعة من العوامل، مثل الطلبات الجديدة، مستويات الإنتاج، التوظيف، وسلاسل التوريد.
ومن خلال متابعة هذا المؤشر، يمكن قياس مدى قوة الاقتصاد واتجاهات النمو المستقبلية، مما يساعد الشركات والمستثمرين في اتخاذ قرارات مستنيرة.
يعكس الأداء القوي للقطاع الخاص غير النفطي في الإمارات نجاح الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز التنوع الاقتصادي، بعيداً عن الاعتماد على النفط.
فمن خلال دعم قطاعات مثل التجارة، السياحة، التكنولوجيا، والخدمات المالية، تواصل الدولة تعزيز تنافسيتها الاقتصادية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. كما أن استقرار الأسواق المالية، إلى جانب البنية التحتية القوية، يساهم في تعزيز مكانة الإمارات كمركز اقتصادي عالمي.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الإمارات في طريقها لمواصلة النمو الاقتصادي المستدام، خاصة مع استمرار الطلب القوي والإنتاج المتزايد.
ومع ذلك، فإن مواجهة التحديات المتعلقة بالعمالة وسلاسل التوريد قد تتطلب سياسات إضافية لدعم الشركات وتعزيز استمرارية الأداء الإيجابي. في المجمل، تعكس هذه المؤشرات قوة الاقتصاد الإماراتي وقدرته على التكيف مع المتغيرات، مما يرسخ مكانته كأحد الاقتصادات الأكثر استقراراً ونمواً في المنطقة.
