تشهد الكويت تطورًا ملحوظًا في قطاعها الزراعي على الرغم من الصعوبات المناخية وندرة الموارد المائية، حيث أعلنت الإدارة العامة للإحصاء عن ارتفاع الإنتاج الزراعي المحلي بنسبة 16.2% خلال عام 2024، مما يعكس الجهود الحكومية المبذولة لدعم القطاع وتعزيز الاستثمارات في الزراعة المائية والبيوت المحمية.
ووفقاً للبيانات الرسمية، بلغت قيمة المنتجات الزراعية، التي تشمل الخضراوات والفواكه والورقيات، نحو 32.55 مليون دينار (ما يعادل 105.4 ملايين دولار) مقارنة بـ28 مليون دينار (90.6 ملايين دولار) في عام 2023. كما شهدت الكميات المنتجة من 76 صنفًا زراعيًا ارتفاعًا بنسبة 25.6%، لتصل إلى 253.7 طناً مقابل 202 طن في العام السابق، حيث تصدرت الطماطم قائمة المنتجات الأكثر إنتاجًا، تلاها الخيار.
ورغم هذا النمو الملحوظ، لا يزال القطاع الزراعي في الكويت يواجه تحديات كبيرة مرتبطة بالمناخ الصحراوي الحار وندرة المياه، حيث إن الأراضي الزراعية لا تمثل سوى 2% من إجمالي مساحة البلاد.
وتعتمد الكويت بشكل شبه كامل على الأسواق الخارجية في تلبية احتياجاتها الغذائية، إذ تنفق أكثر من 4.5 مليارات دولار سنويًا على استيراد الغذاء، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية واضطرابات سلاسل التوريد. وعلى الرغم من امتلاكها مخزونًا استراتيجيًا يعزز الأمن الغذائي مؤقتًا، إلا أن الحاجة إلى حلول مستدامة باتت أكثر إلحاحًا.
وقد شهدت الكويت في السنوات الأخيرة تراجعًا في تصنيفها على مؤشر الأمن الغذائي العالمي (FS)، حيث احتلت المرتبة 33 عالميًا في عام 2020، لكنها تراجعت إلى المركز 51 في الأعوام اللاحقة، مما يعكس وجود فجوات في السياسات الوطنية الخاصة بالأمن الغذائي.
وتشير الإحصاءات إلى أن الإنتاج المحلي يغطي فقط 22% من الطلب على المحاصيل القابلة للتلف، وهو ما يبرز الحاجة إلى استراتيجيات جديدة لزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة الغذائية.
في هذا السياق، تواصل الحكومة دعم مشاريع الزراعة الحديثة من خلال تشجيع الاستثمار في تقنيات الري المبتكرة والزراعة الذكية، إلى جانب توفير التسهيلات للمزارعين المحليين.
ويعتمد هذا التوجه على تعزيز الزراعة المائية التي تتيح توفير كميات كبيرة من المياه مقارنة بالأساليب التقليدية، فضلاً عن التوسع في البيوت المحمية التي تتيح إنتاج المحاصيل على مدار العام، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الواردات الغذائية.
ويرى خبراء أن استمرار نمو الإنتاج الزراعي يتطلب مزيدًا من الاستثمارات في البنية التحتية الزراعية، وتبني سياسات أكثر كفاءة لإدارة الموارد المائية، إضافة إلى تعزيز البحث والتطوير في مجال تقنيات الزراعة المستدامة.
كما أن تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يسهم في تحسين كفاءة القطاع الزراعي، ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية.
وبينما تحقق الكويت خطوات إيجابية في هذا المجال، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد الطبيعية، وهو ما يستدعي تبني نهج شامل يراعي الاستدامة البيئية ويعزز قدرة البلاد على تحقيق اكتفاء غذائي نسبي في المستقبل.
