أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع الواردة من كندا والمكسيك، في خطوة تهدف إلى الضغط على البلدين لوقف تدفق المهاجرين غير المصرح لهم والمخدرات إلى الولايات المتحدة.
كما هدد بفرض رسوم إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية، متهماً بكين بإغراق السوق الأميركية بمادة “الفنتانيل”. وبرر ترامب هذه الإجراءات بأنها ضرورية لحماية الصناعة الأميركية وتعزيز الإنتاج المحلي.
تأثير محتمل على الاقتصاد الأميركي
لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه التهديدات ستتحول إلى واقع، ولكن في حال تنفيذها، من المتوقع أن تترك تداعيات واسعة على الاقتصاد الأميركي، بدءاً من ارتفاع الأسعار وحتى اضطراب سلاسل التوريد.
فقد بدأت بعض الشركات بالفعل في اتخاذ تدابير احترازية، مثل تخزين الإمدادات المستوردة أو البحث عن بدائل محلية للإنتاج.
ارتباك في التجارة
عاشت الشركات في أميركا الشمالية عقوداً من التجارة الحرة بفضل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) والاتفاقية التي حلت محلها في عام 2020 (اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا)، لذا فإن فرض رسوم جمركية جديدة قد يؤدي إلى حالة من الارتباك.
وقد تواجه الشاحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة عبر الحدود مع كندا والمكسيك تأخيرات طويلة، ما قد يؤثر على عمليات التسليم ويزيد من تكاليف النقل.
من ناحية قانونية، لا يزال من غير الواضح على أي أساس سيعتمد ترامب لتنفيذ هذه الرسوم. وتشير بعض التوقعات إلى إمكانية استخدامه قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية، الذي يسمح للرؤساء بتنظيم بعض الأنشطة التجارية بعد إعلان حالة الطوارئ الوطنية.
ولكن في جميع الأحوال، ستواجه هذه الإجراءات تحديات قانونية من قبل المكسيك وكندا والمستوردين الأميركيين، ما سيخلق حالة من الغموض وعدم اليقين الاقتصادي.
تضخم متزايد
بحسب مقياس الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع التضخم بنسبة 2.6% في ديسمبر 2024 مقارنة بالعام السابق. وإذا تم فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، فمن المتوقع أن يرتفع التضخم إلى 3.2%، مما سيبقيه أعلى من هدف البنك المركزي عند 2%.
ووفقاً لشركة “كابيتال إيكونوميكس”، فإن فرض رسوم إضافية على الصين أو دول أخرى قد يؤدي إلى زيادة أكبر في التضخم، ما سيزيد من الضغط على المستهلكين الأميركيين.
ارتفاع أسعار السلع الغذائية
قد يكون التأثير الأكثر وضوحاً للمستهلكين هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية. فالمكسيك توفر نحو نصف واردات الولايات المتحدة من المنتجات الطازجة، فيما تُعد كندا مورداً رئيسياً للعديد من السلع الزراعية.
ووفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، فإن أكثر من 80% من الأفوكادو المستهلك في الولايات المتحدة يأتي من المكسيك. وإذا اضطر المستوردون إلى دفع 25% إضافية على هذه المنتجات، فمن المرجح أن يتم تحميل المستهلك هذه التكاليف.
اضطراب صناعة السيارات
تمتلك شركات صناعة السيارات، مثل “جنرال موتورز”، شبكات إنتاج تمتد عبر الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، حيث تعبر الأجزاء والمنتجات نصف المصنعة الحدود عدة مرات قبل الوصول إلى شكلها النهائي.
لذا، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% سيؤدي إلى رفع تكاليف الإنتاج، ما قد ينعكس على أسعار السيارات التي تشهد بالفعل زيادات كبيرة منذ جائحة كورونا.
تأثير على صناعة الطاقة
تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على كندا والمكسيك في تأمين جزء كبير من احتياجاتها النفطية، حيث توفر كندا 60% من واردات النفط الأميركي، بينما تأتي 10% إضافية من المكسيك.
ومن المتوقع أن يؤدي فرض الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار البنزين ووقود الطائرات وزيت التدفئة المنزلية، ما سيؤثر سلباً على الاقتصاد الأميركي.
ارتفاع أسعار الأجهزة الإلكترونية
كما أن التهديدات الجمركية التي أطلقها ترامب تجاه الصين قد تؤثر على قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية، حيث قد ترتفع أسعار الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة نتيجة زيادة التكاليف الجمركية.
مستقبل مجهول
يُنظر إلى ترامب على أنه يستخدم الرسوم الجمركية كأداة تفاوضية أكثر من كونها سياسة دائمة، ولكن حتى في حال لم يتم تنفيذها، فإن مجرد التهديد بها يخلق حالة من عدم الاستقرار في الأسواق.
وإذا تم فرض هذه الرسوم، فقد يتسبب ذلك في اضطرابات كبيرة في قطاعات متعددة، بدءاً من تجارة التجزئة وحتى الصناعة والطاقة، مما قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية واسعة النطاق.
