توقفت صادرات الغاز الطبيعي الروسية عبر خطوط الأنابيب المارة من أوكرانيا إلى أوروبا في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، أول أيام العام الجديد، بعد انتهاء أجل اتفاقية العبور وفشل الطرفين، موسكو وكييف، في التوصل إلى اتفاق جديد يضمن استمرار التدفقات.
نهاية طريق تاريخي
يمثل إغلاق هذا الطريق، الذي يعد أقدم مسار لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا منذ الحقبة السوفياتية، نهاية لعقد شهد تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا، خاصة بعد ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
وقال وزير الطاقة الأوكراني، جيرمان جالوشينكو، في بيان: “أوقفنا عبور الغاز الروسي. هذا حدث تاريخي. روسيا تخسر أسواقها، وستتكبد خسائر مالية كبيرة. اتخذت أوروبا بالفعل قرار التخلي عن الغاز الروسي.”
استجابة أوروبية
من جانبها، أكدت المفوضية الأوروبية أن توقف صادرات الغاز الروسي عبر أوكرانيا لم يكن مفاجئًا، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي كان مستعدًا لهذا السيناريو.
وقال متحدث باسم المفوضية: “البنية التحتية للغاز في أوروبا مرنة بما يكفي لتوفير الغاز من مصادر غير روسية إلى وسط أوروبا وشرقها عبر طرق بديلة.”
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي عزز قدراته على استيراد الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2022.
وفي النمسا، أوضحت وزيرة الطاقة ليونورا جيفيسلر أن بلادها مستعدة جيدًا لانتهاء اتفاقية نقل الغاز عبر أوكرانيا، مؤكدة استمرار الإمدادات من خلال مصادر أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا ومرافق التخزين المحلية.
تداعيات الخلاف الروسي-الأوكراني
رفضت أوكرانيا تمديد الاتفاقية وسط الحرب الدائرة بين البلدين منذ فبراير 2022. وقالت شركة “غازبروم” الروسية إن الجانب الأوكراني رفض مرارًا تجديد الاتفاقية، مما حرم الشركة من القدرة الفنية والقانونية لنقل الغاز عبر الأراضي الأوكرانية. وأكدت وزارة الطاقة الأوكرانية أن وقف العبور جاء لمصلحة الأمن القومي.
خسائر اقتصادية للطرفين
تقدر خسائر أوكرانيا بنحو 800 مليون دولار سنويًا، وهي قيمة الرسوم التي كانت تحصل عليها من روسيا. بالمقابل، ستخسر شركة “غازبروم” الروسية حوالي 5 مليارات دولار من مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وتشير البيانات إلى أن روسيا شحنت نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا في عام 2023، انخفاضًا من 65 مليار متر مكعب في بداية العقد الأخير.
البدائل المتاحة
رغم توقف هذا المسار، تستمر روسيا في تصدير الغاز عبر خط أنابيب “ترك ستريم” الممتد عبر قاع البحر الأسود، والذي يزود الأسواق التركية والعملاء في وسط أوروبا، مثل المجر وصربيا، بالغاز.
في المقابل، كثف الاتحاد الأوروبي جهوده للابتعاد عن الاعتماد على الطاقة الروسية، من خلال البحث عن مصادر بديلة وتنويع الإمدادات.
مشهد الطاقة الجديد
شهدت أوروبا تغييرات جذرية في سوق الطاقة منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية. أُغلقت معظم طرق نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بما في ذلك خط “يامال-يوروب” عبر بيلاروسيا وخط “نورد ستريم” عبر بحر البلطيق، الذي تعرض للتفجير عام 2022.
وتشير الإحصائيات إلى أن روسيا نقلت عبر مختلف الطرق كميات قياسية بلغت 201 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا عام 2018، بينما تراجعت هذه الكمية بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
الاستقلال الأوروبي عن الغاز الروسي
استثمرت الدول الأوروبية في تعزيز بنيتها التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من مصادر متنوعة. كما وضعت خططًا لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري.
