أعلنت الحكومة التركية مساء الثلاثاء عن رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 30% ليصبح صافي الأجر 22,104 ليرات تركية (630 دولاراً) اعتباراً من 1 يناير/كانون الثاني 2025، في خطوة جاءت قبل الموعد المتوقع للإعلان عنها.
وكان من المفترض أن يتم الإعلان عن القرار النهائي يوم الخميس أو الجمعة المقبلين، إلا أن لجنة الحد الأدنى للأجور، التي تضم ممثلين عن الحكومة واتحادات العمال والقطاع الخاص، توصلت إلى توافق مبكر بشأن القرار.
هذا التوافق أثار ردود فعل متباينة بين العاملين والخبراء الاقتصاديين في البلاد، خصوصاً أن هذه الزيادة جاءت أقل من التوقعات التي كانت تصب في رفع الأجور لتصل إلى 29,583 ليرة تركية، بما يعادل زيادة تفوق 70% مقارنة بالحد الأدنى الحالي.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي أن “الزيادة بنسبة 30% في الحد الأدنى للأجور تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة للمواطنين”.
وأضاف أن القرار يُظهر التزام الحكومة برفع مستوى المعيشة وسط التحديات الاقتصادية الراهنة.
من جهته، أوضح وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد إشيكهان أن الزيادة تأتي استجابة للتحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ولكنها تمثل أيضاً محاولة لتحقيق توازن بين تحسين الأجور وحماية الاقتصاد من ضغوط إضافية قد تؤثر على استقراره.
رغم الإعلان عن الزيادة، يرى العديد من العمال والمواطنين أن هذه الخطوة غير كافية لتغطية الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة. العامل حسين برغوت، الذي يعمل في قطاع النسيج ويتقاضى الحد الأدنى للأجور، وصف القرار بأنه أقل بكثير من توقعاته.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الإيجارات والسلع الأساسية وأسعار الطاقة يجعل من الصعب تلبية احتياجات الأسرة اليومية حتى مع الزيادة الجديدة. على الجانب الآخر، يرى المحلل الاقتصادي أوزجان أويصال أن الزيادة الأخيرة لا تعالج الفجوة بين الأجور والتضخم، حيث بلغت نسبة التضخم السنوية 48.58% خلال أكتوبر الماضي.
وأشار إلى أن الفجوة بين الدخل والإنفاق المتزايد للأسر التركية لا تزال قائمة، مما يضع مزيداً من الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات إضافية.
في سياق متصل، تشير تقارير اتحاد نقابات العمال التركي “Türk-İş” إلى أن حد الجوع للأسر بلغ 20,432 ليرة تركية خلال شهر أكتوبر، بينما وصل حد الفقر إلى 66,553 ليرة تركية.
كما أن تكلفة المعيشة الشهرية للعامل الأعزب تجاوزت 26,000 ليرة، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها شريحة واسعة من المواطنين في ظل استمرار ارتفاع الأسعار.
ويرى الاقتصادي باكير أتاجان أن رفع الأجور بنسبة كبيرة قد يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية المتداولة، مما قد يؤثر سلباً على قيمة الليرة التركية. وأكد أن خفض معدلات التضخم ينبغي أن يكون الأولوية لتحسين مستوى المعيشة بشكل مستدام، بدلاً من الاعتماد فقط على زيادات الأجور.
مع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، تبقى هناك توقعات باحتمال زيادة الحد الأدنى للأجور مرة أخرى خلال العام المقبل إذا لم تنخفض معدلات التضخم.
ومع ذلك، فإن تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين يتطلب اتخاذ خطوات شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية، بما في ذلك تعزيز الإنتاج المحلي وخفض الاعتماد على الواردات وتقليل التضخم الذي ينهك القوة الشرائية للأسر التركية.
![](https://www.bnreport.com/wp-content/uploads/2020/12/LOGO2.png)