شهدت تركيا في ديسمبر الماضي تراجعًا ملحوظًا في معدلات التضخم السنوي، حيث انخفض مؤشر أسعار المستهلكين إلى 44.38% على أساس سنوي، وهو أدنى مستوى يُسجل منذ يوليو2023.
وأعلنت هيئة الإحصاء التركية أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 1.03% على أساس شهري، في حين صعد مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.4% خلال نفس الفترة، مما يشير إلى تحسن نسبي في الأداء الاقتصادي.
وكان مؤشر أسعار المستهلك قد بلغ 47.09% في نوفمبر الماضي، مما يعكس انخفاضًا مستمرًا في معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة.
وأكد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، في منشور على حسابه بمنصة “إكس”، أن التضخم الشهري في ديسمبر/كانون الأول 2024 سجل 1%، وهو أقل معدل يُسجل خلال الأشهر الـ19 الماضية.
وأوضح شيمشك أن التضخم السنوي تراجع إلى 44.4%، وهو ما يعكس انخفاضًا بنحو 20 نقطة مقارنة بنهاية عامي 2022 و2023.
وأشار الوزير إلى أن الحكومة التركية تضع حل المشاكل المعيشية للمواطنين ضمن أولوياتها الرئيسية، مع توقعات بأن يستمر انخفاض التضخم خلال الفترة المقبلة بما يتماشى مع أهداف وزارة الخزانة والمالية لعام 2025.
وتأتي هذه التصريحات في ظل جهود حكومية لخفض معدلات التضخم، التي ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وأثرت بشكل مباشر على معيشة المواطنين وأوضاعهم الاقتصادية.
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس التركي في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024 عن رفع الحد الأدنى الشهري للأجور إلى 22 ألفًا و104 ليرات تركية (حوالي 630.36 دولارًا) اعتبارًا من عام 2025، بزيادة قدرها 30% مقارنة بالعام السابق.
ويُتوقع أن يؤثر هذا القرار على نحو 9 ملايين عامل في تركيا، حيث يُنظر إلى الحد الأدنى للأجور كمعيار رئيسي لتحديد زيادات رواتب القطاع الخاص.
ورغم التفاؤل الحكومي بشأن استمرار انخفاض التضخم، يحذر خبراء الاقتصاد من أن زيادة الحد الأدنى للأجور قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم مجددًا خلال الأشهر المقبلة.
وتُعتبر هذه الزيادة أحد العوامل التي يمكن أن تعرقل التوقعات الاقتصادية للبنك المركزي، خاصة فيما يتعلق بتوقيت أول خفض محتمل لأسعار الفائدة منذ فبراير/شباط 2023.
ويرى بعض المستثمرين أن أي زيادة كبيرة في الحد الأدنى للأجور يمكن أن تضغط على السياسات النقدية والمالية للحكومة التركية، ما قد يؤدي إلى تعقيد جهود البنك المركزي لخفض التضخم.
ويشير هؤلاء إلى أن الحد الأدنى للأجور يُعتبر عنصرًا حاسمًا في تحديد السياسات الاقتصادية التركية، حيث يؤثر بشكل مباشر على استهلاك الأسر ومستويات الإنفاق في البلاد.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة “بلومبيرغ” عن الأستاذة في جامعة كوتش في إسطنبول، سيلفا ديمير ألب، أن تعديل الأجور وفقًا للتضخم المتوقع لعام 2025 يمكن أن يساهم في تسهيل مهمة البنك المركزي لتحقيق أهدافه الاقتصادية.
وأضافت أن احتمالات خفض أسعار الفائدة أصبحت أعلى الآن، خاصة في ظل التحسن الملحوظ في معدلات التضخم.
وكانت تركيا قد شهدت في مايو/أيار الماضي أعلى معدلات تضخم سنوي وصلت إلى 75%، قبل أن تنخفض تدريجيًا خلال الأشهر اللاحقة.
ويُعتبر تراجع التضخم إلى 47.09% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ثم إلى 44.38% في ديسمبر/كانون الأول خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة بشأن تأثير السياسات الحكومية على الاقتصاد التركي، خاصة في ظل التحديات العالمية المستمرة مثل ارتفاع أسعار الطاقة وتقلبات الأسواق المالية.
ويُتوقع أن تواصل الحكومة التركية جهودها لتحقيق التوازن بين دعم الأجور وتقليل معدلات التضخم، لضمان استقرار الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.