دمشق- بزنس ريبورت الإخباري|| تتجه الحكومة السورية لتمويل الواردات عبر البنوك المحلية ومكاتب الصرافة، بعد توقف البنك المركزي عن تولي هذه المهمة.
وتخلى البنك المركزي عن تمويل الواردات بفعل الضغوط المالية الكبيرة عليه في ظل معاناة سوريا من أزمات اقتصادية متلاحقة بفعل الحرب.
وتعكس هذه الخطوة مدى اشتداد الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة في الاقتصاد السوري.
الحكومة السورية
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أجبر عجز الحكومة السورية على تحمّل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي
تعيشها بسبب نفاد السيولة النقدية في ظل ضغوط الحظر الأميركي وارتفاع تكاليف الشحن،
دمشق إلى السير في طريق وقف استيراد بعض السلع.
وتواجه دمشق صعوبات بالغة في تلبية احتياجاتها من الواردات بسبب العقوبات وشح
السيولة النقدية، ما خلف أزمات متعددة انعكست في عجز الحكومة السورية عن توفير أهم
المواد الأساسية، مثل الوقود، في السوق المحلية بينما يواجه المواطنون ارتفاعا كبيرا في
الأسعار مع تراجع مقدرتهم الشرائية بشكل مخيف.
وتبدو آفاق الانتعاش الاقتصادي ضعيفة ليس بسبب اشتداد العقوبات فحسب، بل أيضا
بسبب الانهيار المالي في لبنان المجاور وتأثر تحويلات السوريين العاملين في الخارج بجائحة
كوفيد – 19 وعجز الحليفين روسيا وإيران عن تقديم المساعدات الكافية.
قراران للتمويل
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن لجنة إدارة المركزي أصدرت قرارين يتعلق الأول
بتمويل مستوردات القطاعين الخاص والمشترك من المواد المسموح استيرادها بغية وضعها للاستهلاك المحلي.
أما القرار الثاني فيلزم كافة المصدرين بتنظيم عمليات إعادة التصدير للبضائع مع تمكين مصالح
الجمارك من صلاحيات أكبر من أجل تشديد القيود عبر المراقبة والتنظيم.
ويقول خبراء إن القرارين يأتيان في إطار المساعي المضنية للمركزي لإيجاد الآليات المناسبة
لتمويل الواردات في ظل عقوبات “قانون قيصر” الأميركي ومحاولة ضبط سعر صرف الليرة المنهارة.
وفي حين ظل سعر الدولار في البنوك السورية الخاضعة لسيطرة النظام ثابتا عند 2512 ليرة،
ارتفع سعر صرف العملة الأميركية مقابل الليرة في السوق السوداء بأكثر من 140 ليرة مرة
واحدة إلى نحو 3595 ليرة للشراء، و3655 ليرة للبيع مع بداية هذا الشهر. وقبل الأزمة كان الدولار يساوي 47 ليرة.
ومن المرجّح أن يتم تأمين تمويل المواد الأساسية مثل السكر والأرز والزيت والأدوية وغيرها عبر البنوك حسب أسعار الصرف الرسمية وبالتالي طرح هذه المواد في السوق المحلية وفق الأسعار التي تحددها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة يعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين البالغ عددهم حاليا 17 مليون نسمة تحت خط الفقر، بينما يعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
وتأمل الحكومة السورية بأن تعزز القرارات الجديدة من القدرة التمويلية لتأمين الواردات مع الأخذ بعين الاعتبار تأمين الاحتياجات الأخرى للمواطنين من خلال اتخاذ بعض القرارات.
مسارات جديدة
ويفترض أن تشمل تلك القرارات فتح مسارات جديدة يستطيع المستورد من خلالها تأمين واراداته عن طريق تمويل شركات الصرافة المرخّصة العاملة وبما يمكنه من تخليص بضائعه دون أيّ مشاكل ووفق الآليات المتبعة.
وبالنسبة إلى جميع المواد الأخرى المسموح باستيرادها التي لم يتم إدراجها في القرارين فإنها لا تزال تموّل من طرف المركزي.
ولسنوات أحجمت المصارف الأجنبية ومالكو السفن وتجار الحبوب عن البيع والتعامل مع سوريا التي تعتمد على الواردات مما جعل دمشق تلجأ إلى مجموعة من الصفقات الصغيرة التي يرتب العديد منها وسطاء غامضون أحيانا في أنحاء الشرق الأوسط وآسيا.
وكان نظام دعم أسعار المواد الغذائية سندا للكثير من المواطنين إذ كان يضمن لهم الخبز رخيص الثمن.
لكنّ تصدعات بدأت تظهر على النظام إذ يقول العديد من السكان إن فترة الوقوف في طوابير الخبز في مختلف أنحاء المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تصل إلى خمس ساعات مع تراجع واردات القمح.
ويؤكد خبراء أن الاحتياطي النقدي للمركزي السوري تراجع بسبب العقوبات ومنع التصدير، إضافة إلى وجود نوع من المضاربات التي تحصل في دمشق سواء في الداخل أو في الخارج.
وفي مواجهة ذلك أصدرت دمشق ورقة نقد جديدة فئة خمسة آلاف ليرة في شهر يناير الماضي لتصبح تذكرة في نظر البعض بخطر التضخم الجامح رغم أن الحكومة قالت إن التضخم ليس هو السبب في إصدار الفئة الجديدة.
كما قلّصت حصص الخبز والبنزين في محاولة لتقليل الهدر غير أن بعض رجال الأعمال يقولون إن جلّ السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة لا تحقق الغرض منها.
