ارتفعت أسعار النفط اليوم الاثنين بنسبة تقارب 3% بعد تقارير تشير إلى توقف شبه كامل للإنتاج النفطي في ليبيا، وهو ما أدى إلى تعزيز المكاسب التي تحققت في وقت سابق نتيجة المخاوف المتزايدة من أن يؤدي تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط إلى اضطراب إمدادات النفط العالمية.
هذه الزيادة في الأسعار تأتي في ظل بيئة سوقية مضطربة، حيث تؤثر العوامل الجيوسياسية بشكل كبير على تقلبات الأسعار وحركة السوق.
بحلول الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 2.30 دولار، أو ما يعادل 2.91%، لتصل إلى 81.32 دولار للبرميل.
كما شهدت العقود الآجلة للخام الأمريكي زيادة قدرها 2.22 دولار، أو ما يعادل 2.97%، لتصل إلى 77.05 دولار للبرميل.
وقد وصل سعر خام برنت خلال جلسة التداول إلى 81.35 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى له في 11 يومًا، مما يعكس التأثير الفوري للأخبار المتعلقة بالإنتاج الليبي.
تأتي هذه القفزة في الأسعار بعد أن أعلنت الحكومة المتمركزة في شرق ليبيا، والتي تتخذ من بنغازي مقرًا لها، حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمرافق النفطية، مما يعني وقفًا فوريًا للإنتاج والتصدير حتى إشعار آخر.
ورغم أن هذه الحكومة غير معترف بها دوليًا، إلا أن العديد من حقول النفط الليبية تقع تحت سيطرتها، ما يضعها في موقع مؤثر على الإنتاج النفطي الوطني.
من ناحية أخرى، لم تؤكد المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وهي الهيئة الرسمية المسؤولة عن موارد النفط في ليبيا، هذا الإجراء، مما يزيد من حالة الغموض حول الوضع الفعلي للإنتاج.
يأتي هذا التصعيد في ليبيا في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة.
فقد ارتفعت أسعار النفط أيضًا بعد أن قامت جماعة حزب الله اللبنانية بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل يوم الأحد، وهو ما ردت عليه إسرائيل بشن غارات جوية على لبنان باستخدام حوالي 100 طائرة في محاولة لإحباط ما وصفته بهجوم أكبر.
هذه التطورات العسكرية تزيد من المخاوف بشأن استقرار المنطقة وقدرتها على الحفاظ على تدفق النفط بشكل منتظم.
وعلى صعيد آخر، كانت هناك عوامل أخرى تسهم في ارتفاع أسعار النفط. فقد ارتفع خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 2% يوم الجمعة بعد أن أشار جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، إلى احتمال خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب. ه
ذه الخطوة من شأنها أن تعزز السيولة في الأسواق المالية، مما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع الأساسية، بما في ذلك النفط. في مذكرة أصدرتها مؤسسة “إيه.إن.زد”، أشار المحللون إلى أن “احتمال تيسير السياسة النقدية يعزز المعنويات في سوق السلع الأساسية”.
بالإضافة إلى ذلك، يبقى المستثمرون حذرين من التحركات القادمة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها في مجموعة أوبك+.
فرغم أن الأعضاء الرئيسيين في أوبك+، بما في ذلك روسيا والسعودية، قد اتفقوا على خفض الإنتاج بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، هناك توقعات بأن المنظمة قد تتجه نحو زيادة الإنتاج في وقت لاحق من العام إذا ما استمر ارتفاع الأسعار.
وتشير بريانكا ساشديفا، محللة الأسواق البارزة في فيليب نوفا، إلى أن “المستثمرين يراقبون عن كثب تحركات أوبك وحلفائها، إذ أن أي تغيير في سياستهم الإنتاجية قد يكون له تأثير كبير على السوق”.
في هذا السياق، تظل أسعار النفط عرضة لتأثير العوامل الجيوسياسية والاقتصادية المختلفة.
ومع استمرار التوترات في الشرق الأوسط وعدم اليقين حول الإنتاج في ليبيا، من المتوقع أن يظل السوق متقلبًا في المستقبل القريب.
هذا الوضع يعكس تعقيدات المشهد الحالي الذي يشهد تأثيرًا متزايدًا للعوامل الخارجية على أسعار النفط، مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاهات السوق على المدى القصير والمتوسط.
