Connect with us

Hi, what are you looking for?

سياسي

سياسة التقطير والإغراق.. أدوات الاحتلال للسيطرة على السوق

أسواق غزة

أحمد أبو قمر- بزنس ريبورت الإخباري|| في ظل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتدهورة في قطاع غزة، تتّبع إسرائيل سياسة اقتصادية ممنهجة تهدف إلى خلق تشوه اقتصادي مقصود، من خلال التقطير في المساعدات الإنسانية من جهة، والإغراق الممنهج لسلع معينة دون غيرها من جهة أخرى.

هذه السياسة تؤدي إلى اختلالات كبيرة في السوق المحلي، حيث ترتفع أسعار بعض السلع بشكل جنوني، بينما تنهار أسعار سلع أخرى نتيجة الإغراق المفرط لها في الأسواق.

ويعاني المواطنون في غزة من نقص حاد في المواد الأساسية، بينما تغمر الأسواق بكميات كبيرة من سلع أقل أهمية أو لا تلبي الاحتياج الفعلي للسكان، مثل بعض أنواع الأطعمة أو المنتجات غير الأساسية، هذا يؤدي إلى زيادة الفجوة بين ما يحتاجه الناس فعليًا وبين ما هو متوفر في الأسواق.

شكاوى مواطنين

ويدفع المواطن ثمن هذا الاضطراب بشكل مباشر، حيث يجد نفسه عالقا بين سلعة متوفرة بكثرة لا يحتاجها، وسلعة أساسية باهظة أو مفقودة. هذا التناقض بين الوفرة والندرة يعمّق الإحساس بعدم الأمان الغذائي ويضعف قدرة الأسر على التخطيط لتلبية احتياجاتها الأساسية.

أم محمد وهي ربة منزل من حي الشجاعية، قالت: “إحنا بنشتري الطحين بالقطارة، بس السوق مليان مكرونة ما حدا بدو إياها، أنا بدي أعمل خبز لأولادي، مش أطبخ معكرونة كل يوم”.

وأكدت أم محمد التي تسكن الخيام أنها تضطر لطحن المكرونة وطبخها لأطفالها كبديل عن الطحين، مشيرةً إلى أنه لا بديل عن الطحين يمكن تقديمه.

وأضافت: “أسعار السلع غير مفهومة ولا يمكن التنبؤ بها، نرى ارتفاعات جنونية على أسعار وانخفاضات كبيرة على أخرى، وبذلك نعيش فوضى في الأسعار لا يمكن فهمها”.

وأوضحت أن نقص السلع في الأسواق يؤدي إلى ارتفاعات على الأسعار، في حين أن الدفع بكميات معينة من السلع دون غيرها وبشكل فجائي يعني انخفاضات مفاجئة.

ولفتت إلى أن عدم فهم السوق والارتفاعات على أسعار السلع الأساسية يكبدها مبالغ كبيرة للحصول على قليل من الطعام، في وقت تعاني منه العائلة من انعدام الدخل وانتظار المساعدات.

أما أبو محمود الأعرج، موظف متقاعد، فيعبّر عن استيائه بالقول: “السكر مش دايما متوفر، والزيت سعره كل يوم بيطلع، بس بتلاقي رفوف السوق مليانة تونة ومعجون طماطم، الاحتلال بيوزع مساعدات مش حسب حاجتنا، حسب خطته هو”.

وأضاف أبو محمد الذي قابله مراسل “الرسالة نت” يشتري البضائع في سوق الشيخ رضوان بمدينة غزة: “الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إدخال بضائع ومساعدات وفق أهوائه وهو يدرك أن غالبيتها لا يتماشى مع احتياجات المواطنين ولا يريدونها، اعتقد أن الاحتلال ينغّص على الناس بهذه المخططات الخبيثة”.

وشدد على ضرورة النظر للمساعدات التي يتم جلبها من الخارج، وأن تكون وفق توجهات المواطنين وحاجياتهم، متسائلا عن الجهة التي تضع هذه المساعدات والتي غالبا ما تكون من صنف واحد أو صنفين وتؤدي إلى الإغراق السلعي حينما يتطلع المواطنون لاستبدالها بسلع أخرى من السوق”.

تقلبات سعرية

وفي ظل حالة التشوه الاقتصادي التي تشهدها أسواق غزة، لا يقتصر الضرر على المواطنين فقط، بل يطال كذلك التجار الذين يجدون أنفسهم في دوامة من التقلبات السعرية وعدم استقرار العرض والطلب.

وقال التاجر أبو جبر الخالدي: “السكر والزيت والطحين أسعارهم تتقلب بجنون، أحيانا نغرق بالزيت بينما الطحين مفقود، وهذا يربكنا كتجار ويضغط على المواطن”.

وأوضح أبو جبر أن المشكلة الأساسية تتمثل في عدم التخطيط لما يتم إدخاله لقطاع غزة سواء شاحنات المساعدات أو التجار، والتي يتعمد الاحتلال الإبقاء على أصناف معينة دون غيرها بشكل متعمد.

وتشير هذه الشكوى إلى واقع مأزوم يعيش فيه القطاع التجاري، حيث تصبح عملية التسعير وتقدير الكميات المطلوب شراؤها وتخزينها مجازفة يومية.

فبينما تغرق الأسواق بسلع معينة، تمنع سلع استراتيجية من الدخول أو تقيّد كمياتها، ما يؤدي إلى اضطرابات في السوق وتذبذب في الأسعار يصعب التحكم فيه.

حل واقعي ومستدام

وفي هذا السياق، تظهر الجمعيات التعاونية كأداة فعالة يمكن أن تلعب دورا مهما في كسر هذا النمط من السيطرة، من خلال تنظيم المجتمع محليا، يمكن لهذه الجمعيات أن تضمن عدالة التوزيع، وتوفير السلع وفق الاحتياج الحقيقي، بعيدا عن عشوائية التوزيع أو الانصياع للسياسات المفروضة من الخارج.

كما تستطيع هذه الجمعيات التنسيق بين الجهات المانحة وتنظيم عملية الاستيراد والتوزيع، مما يخلق استقرارا نسبيا في الأسعار ويحسن من مستوى الأمن الغذائي.

ويرى خبراء اقتصاديون وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني أن تمكين هذه الجمعيات وتنشيط عملها على مستوى الأحياء والمخيمات، يمكن أن يسهم في كسر النمط المفروض من الخارج، وتحقيق قدر من عدالة التوزيع للسلع الأساسية، بما يتوافق مع الحاجات الفعلية للمواطنين بعيدًا عن العشوائية الحالية.

ووفقا لمصادر محلية، فإن هذه الجمعيات تمتلك القدرة على تنظيم المجتمع محليًا والتنسيق مع الجهات المانحة، لتحديد الأولويات وضبط عملية الاستيراد والتوزيع، وهو ما يتوقع أن ينعكس بشكل مباشر على استقرار الأسعار وتحسين الأمن الغذائي للأسر الفلسطينية.

ويؤكد مختصون أن تفعيل هذه الجمعيات من شأنه أيضا أن يخفف الضغط عن المؤسسات الإغاثية، ويوزّع الأدوار بفعالية أكبر، مما يضمن توزيع السلع الحيوية مثل الطحين الزيت والسكر بشكل أكثر عدالة وشفافية.

التخصيص المؤسسي

في حين، دعا المختص في الشأن الاقتصادي محمد بربخ إلى اعتماد نموذج التخصيص المؤسسي للسلع التموينية الأساسية، مشددا على أهمية دور المؤسسات الدولية والجهات المانحة في توفير احتياجات المواطنين بطريقة منظمة وفعالة، وخاصة في ظل التحديات الإنسانية والاقتصادية التي تواجه قطاع غزة.

وقال بربخ لـ”الرسالة نت” إن برنامج الأونروا يعد نموذجا ناجحا في توفير الحصة الغذائية من الطحين بشكل مستدام ومنظم، مشيرا إلى إمكانية تعميم هذا النموذج على سلع استراتيجية أخرى مثل السكر والزيت النباتي والبقوليات، بشرط توافر تمويل كافٍ وبنية توزيع مناسبة.

ووفق بربخ، فإن محددات نجاح نموذج الأونروا، تتمثل في تمويل مستدام ودعم من المانحين الدوليين، وقاعدة بيانات دقيقة ومحدثة باستمرار للفئات المستفيدة، وآلية توزيع فعالة ومنظمة، بجانب تنسيق وشراكة مع الجهات المعنية، خاصة المسيطرة على المعابر والمنافذ.

وأضاف بربخ: “تطبيق هذا النموذج على سلع أخرى يتطلب توفر كميات كافية لتغطية السوق دون التأثير على التوزيع العام، واعتماد نظام توزيع منظم يشمل الفئات الهشة كالأسر الفقيرة والنازحين، وعوامل لوجستية تضمن العدالة والنزاهة، بما في ذلك وسائل النقل والتخزين”.

وشدّد على ضرورة وجود جهات قادرة على تبني النموذج، مثل برنامج الغذاء العالمي (WFP)، والصليب الأحمر الدولي، وغيرها، مؤكدا أن هذا التوجه يتطلب تمويل مستمر لتأمين شراء وتوريد المواد الأساسية، ودعم لوجستي وتقني فعال يشمل التخزين والنقل والتوزيع، وشراكة مع الإطار الحكومي لتفادي التداخل والفوضى وضمان الرقابة.

غزة في مرمى التحديات

وفي السياق ذاته، حذر بربخ من التحديات الجسيمة التي تعيق جهود الإغاثة، وعلى رأسها القيود الإسرائيلية السياسية والأمنية، وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة بسبب القصف المستمر، بجانب عمليات الإخلاء القسري التي تؤدي إلى فقدان السلع ونهبها، والبنية التحتية الضعيفة ومقرات التوزيع غير الصالحة.

وختم بربخ حديثه بالتأكيد على أن نقل تجربة الأونروا إلى مؤسسات أخرى معنية بسلع مختلفة بات ضروريا في المرحلة الراهنة، لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للفئات الأشد ضعفا بطريقة عادلة ومنظمة، تسهم في الحد من التشوهات الاقتصادية وتعزز من استقرار الأمن الغذائي في القطاع المحاصر.

وفي ظل استمرار السياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تزرع الفوضى الاقتصادية عبر أدوات التقطير والإغراق، تتفاقم معاناة المواطنين في غزة، الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة الندرة وسندان الوفرة الزائفة.

فالمساعدات التي يفترض أن تكون طوق نجاة، تتحول بفعل هذا التشوه إلى عامل ضغط إضافي يربك الأسواق وينهك الأسر الفقيرة ويزيد من حالة التشوه الاقتصادي.

وأمام هذا الواقع المعقد، تبرز الحاجة الماسة إلى إعادة تنظيم المشهد الإغاثي والتمويني، من خلال تبني نماذج ناجحة أثبتت فعاليتها مثل برنامج الأونروا، وتوسيعها لتشمل سلعًا أخرى بإشراف مؤسسي منظم.

فالجمعيات التعاونية والتخصيص المؤسسي يمثلان فرصة حقيقية لضبط إيقاع السوق وضمان وصول السلع للمحتاجين بناءً على الأولويات، لا على أهواء الجهات المسيطرة.

وفي ظل التحديات الميدانية الجسيمة، يبقى التنسيق بين الجهات المانحة، والاعتماد على قاعدة بيانات دقيقة، وتوفير دعم لوجستي وتقني، عوامل حاسمة لتجاوز هذه الأزمة، مع نقل التجربة الناجحة إلى سلع أخرى ليس رفاهية، بل ضرورة إنسانية واقتصادية عاجلة لضمان صمود المجتمع في وجه الحصار والتشوهات المفروضة عليه.

تسوق

دمشق- بزنس ريبورت الإخباري|| بذلت سوريا قصارى جهدها لإحداث العديد من التغييرات التكنولوجية فيما يتعلق بمعرض دمشق الدولي، بعد انقطاعه لفترة وجيزة. وأطلقت موقعا...

اخر الاخبار

تجري مؤسسة اليانصيب السوري سحبها الدوري لبطاقات اليانصيب معرض دمشق الدولي، ويترقب آلاف المشتركين باليانصيب السوري لحظة الكشف الرسمي عن رقم البطاقة الفائزة بالجائزة...

تسوق

عواصم- بزنس ريبورت الإخباري|| تعتبر ساعات رولكس واحدة من السلع الفارهة التي يتباهى الأثرياء باقتنائها، كدلالة على الفخامة والذوق الرفيع. ورولكس العلامة التجارية الشهيرة...

تسوق

دمشق- بزنس ريبورت الإخباري|| رصدت المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية مليون ومئة ألف بطاقة للإصدارين الأول والثاني ليانصيب رأس السنة لعام 2023، منها 800...