تراجع سهم شركة “إنفيديا” بشكل حاد يوم الإثنين بسبب مخاوف المستثمرين من المنافسة المتزايدة من شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة “ديب سيك” (DeepSeek).
أدت هذه المخاوف إلى انخفاض تاريخي في القيمة السوقية للشركة، التي تعد الأكبر في العالم بمجال تصميم أشباه الموصلات.
انخفض سهم “إنفيديا” بنسبة 18%، وهو أكبر تراجع يومي له منذ مارس 2020، مما أدى إلى خسارة حوالي 560 مليار دولار من قيمتها السوقية. ت
جاوز هذا الرقم الرقم القياسي السابق المسجل في سبتمبر، عندما هبط السهم بنسبة 9%، محققاً خسائر بقيمة 279 مليار دولار. وبذلك، أصبح هذا الانخفاض الأكبر في تاريخ سوق الأسهم الأميركية من حيث محو القيمة السوقية لشركة خلال يوم واحد.
تأثير واسع النطاق على السوق
امتد تأثير التراجع إلى المؤشرات الرئيسية للسوق الأميركي، نظراً للوزن الكبير الذي تمثله “إنفيديا” فيها. وتسببت خسائر الشركة في تسجيل ثمانية من أكبر عشرة تراجعات يومية في مؤشر “إس آند بي 500” من حيث القيمة السوقية، وفقاً لبيانات “بلومبرغ”.
في بداية التداولات يوم الإثنين، انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 2.3%، بينما تراجع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 3.6% قبل أن يقلص خسائره لاحقاً.
“ديب سيك” تهدد هيمنة “إنفيديا”
أثار النموذج الجديد لشركة “ديب سيك”، الذي أُطلق الأسبوع الماضي، قلق المستثمرين حول مستقبل “إنفيديا” وشركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الكبرى.
تقدم “ديب سيك” تقنيات منافسة لتلك التي طورتها شركات مثل “أوبن إيه آي” و”ميتا بلاتفورمز”، ولكن بتكلفة أقل بكثير. تعتمد الشركة الصينية على نموذج مفتوح المصدر أسسه رئيس صندوق التحوط الكمّي، ليانغ وينفِنج، ويحتل تطبيقها حالياً صدارة متجر “أبل” للتطبيقات.
في مذكرة صادرة عن محللي “جيفريز”، ورد أن منتج “ديب سيك” قد يهدد نموذج الأعمال الحالي للذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد بشكل كبير على رقائق متطورة تحتاج إلى استثمارات ضخمة في الطاقة والحوسبة.
التحديات أمام “إنفيديا”
كانت “إنفيديا” المستفيد الأكبر من الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي، حيث تصمم الرقائق المستخدمة في هذه التقنية.
ومع أن التوقعات تشير إلى استمرار الإنفاق في هذا القطاع، إلا أن المستثمرين قد يصبحون أكثر تحفظاً في دعم الشركات التي لا تحقق عوائد كافية على استثماراتها.
استثمارات الشركات المنافسة
في المقابل، أعلنت “ميتا” عن خطط لزيادة نفقاتها الرأسمالية على مشاريع الذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى 50% هذا العام، لتصل إلى 65 مليار دولار.
كما كشفت “أوبن إيه آي” و”سوفت بنك” و”أوراكل” عن مشروع مشترك بقيمة 100 مليار دولار لتطوير مراكز بيانات ومشاريع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي تحت اسم “ستارغيت”.
القيود الأميركية وتقدم الصين
في محاولة لعرقلة التقدم الصيني في الذكاء الاصطناعي، فرضت الولايات المتحدة قيوداً على تصدير تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين، بما في ذلك منع “إنفيديا” من بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
ومع ذلك، يظهر نجاح “ديب سيك” أن المهندسين الصينيين تمكنوا من تجاوز هذه القيود بالاعتماد على الكفاءة والموارد المحدودة.
يكشف هذا الانخفاض الكبير في سهم “إنفيديا” عن التحديات التي تواجهها شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى أمام المنافسة العالمية. ومع استمرار التوترات بين الولايات المتحدة والصين في مجال التكنولوجيا، يبدو أن المشهد سيشهد المزيد من التغيرات خلال الفترة المقبلة.
