غزة- لميس الهمص|| تتزاحم الويلات وأشكال المعاناة على سكان قطاع غزة منذ قرابة عامين، فعلاوة على الفقد وفقدان كل مقومات الحياة والفقر والغلاء، يعد غياب السيولة من أكثر الصعوبات التي تنغص على الغزيين يومهم وتحرمهم من شراء أبسط احتياجاتهم اليومية وقد وصلت أسعارها إلى أكثر من 500 ضعف.
ومنذ أكتوبر 2023 يعاني سكان القطاع من شح السيولة النقدية على إثر اندلاع الحرب وإغلاق البنوك لأبوابها، إلى جانب منع الاحتلال إدخال الأوراق النقدية لغزة، ومنع استبدال العملة التالفة.
وتركت سلطة النقد المواطنين وحدهم في مواجهة (سماسرة التكييش) الذين قاسموهم أموالهم التي يحصلون عليها بشق الأنفس لتصل نسبة العمولة على سحب المواطنين لأموالهم من البنوك إلى 45%، ليصبحوا رهائن لعدد من تجار العملة الذين أظهرتهم الحرب وهو ما أفقد السكان حوالي نصف قدرتهم الشرائية ونقلتهم إلى صفوف الفقراء بسبب استفحال الظاهرة.
أموال بلا قيمة
في سوق الشيخ رضوان، يقف الحاج سامي، 64 عاماً، أمام إحدى البسطات يحاول شراء بعض الحاجيات لأسرته. يقول بأسى: “أعمل منذ ثلاثين عاماً، واليوم أعجز عن شراء الخبز. الراتب الذي أتقاضاه لا أستطيع صرفه، عند سحبه يسمسر تجار التكييش أكثر من ثلثه وما يبقى لا يكفي لشراء شيء”.
الحاج سامي ليس حالة استثنائية؛ آلاف المتقاعدين يعانون من تأخر الرواتب وصعوبة الحصول على أموالهم من البنوك، في ظل شح شديد في النقد، معتبرا أن الرواتب تصرف نظريا فقط، خاصة مع غياب أي من وسائل الرقابة.
وأضاف: “أمتهن العشرات تجارة العملة، وترتفع النسب مع إغلاق المعابر وفي أوقات صرف الرواتب لموظفي السلطة، مشيرا إلى أن بعض المكيشين يخفضون النسب مقابل عملة مهترئة وهو ما يزيد من حجم خسارة الموظفين الذين يخسرون جزءا من قيمتها مقابل تمريرها للتجار.
بدوره ويشتكي المواطن سعيد أحمد، من عدم القدرة على شراء كل احتياجاته المنزلية بسبب فقدان السيولة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مبينا أنه يضطر جلب الأولويات لمنزله وبكميات مقننة
ويشير إلى أن القليل من المحال التجارية تعمل بنظام الدفع الإلكتروني، كما أن غالبيتها يلجأ لرفع الأسعار نظير تلك الخدمة، ما يجعل المواطن هو الضحية في كل الحالات.
ووفق أحمد، الموظف في القطاع الخاص، فإن الأرصدة في البنوك أصبحت بلا قيمة كما أن التجار باتوا يرفضون جزءا كبيرا من الأموال المتداولة في الأسواق بحجة أنها قديمة ومهترئة، متسائلا عن الحلول ومن المسئول عن إيقاف تلك الفوضى في الوقت الذي أصبح سماسرة التكييش يشاركون المواطنين في نصف أموالهم؟
ويضيف: “أصبحنا عاجزين عن تلبية احتياجات أبنائنا، تراكمت فوقنا الهموم. يجب الضغط من الجميع لإدخال الأموال إلى القطاع، هذه خطط ممنهجة ضمن سياسة التجويع. فبعد أن توقفت المساعدات، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وفقدت الأموال وأصبحت الرواتب بلا قيمة”.
وفي ذات السياق، أكد أحد التجار، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الأسواق تعاني من ركود بسبب غياب السيولة، كما أن الأوضاع الاقتصادية باتت معقدة بعد إغلاق المعابر، فأصبح المواطنون يجدون صعوبة في دفع ثمن البضائع القليلة ومرتفعة الثمن.
وأوضح أن كبار التجار احتكروا منذ بداية الحرب في غزة نسبة كبيرة من السيولة النقدية، بعيدًا عن البنوك، ووظفوها في تجارة العملة بطريقة غير قانونية.
سلطة صامتة
وفي ظل تحكم عدد من التجار في الأسواق في قطاع غزة معتمدين على غياب أي تدخل من الجهات المعنية للتقليل من حجم الأضرار على المواطنين وعن ذلك يقول الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر إن سلطة النقد فشلت خلال الحرب في القيام بمهامها التي أنشأت لأجلها والمتمثلة في تنظيم عمل البنوك والمؤسسات المالية والمراقبة على عملها وفق القوانين، وحماية أموال المودعين واستقرار النظام المصرفي والمالي، وإصدار التعليمات المالية للبنوك والشركات والأفراد.
وأشار إلى أنها تركت القطاع المصرفي لبضعة تجار يتحكمون به ضمن نطاق السوق السوداء دون أي رقيب أو حسيب حتى وصل بهؤلاء التجار أخد عمولة على توفير النقد بنسبة تجاوزت 45% “التكييش”
ووفق أبو قمر فإن سلطة النقد تدرك وتعرف جيدا من هم التجار القائمين على سوق التكييش بنسب فوائد مرتفعة، فهو يظهر في حساباتهم ويمكنه إيقافها ولكن لا تعمل شيئا حيال ذلك وتتركهم يتلاعبون بالسوق السوداء.
ويؤكد أنها “لم تكلف نفسها لو بإصدار بيان واحد يطمئن المواطنين بأن هذه الأموال المتداولة في السوق تمتلك البراءة الكاملة للتعامل معها وهو ما يُهدّئ الأسواق قليلا ويعيد الثقة للأموال التي يرفض المواطنين والباعة التعامل بها مثل فئة العشرة والعشرين”.
ولفت إلى أنها لم تتمكن خلال فترة الهدنة من حل مشكلة السيولة أو إدخال أي كميات لأسواق قطاع غزة بعد انقطاع لعامين، واكتفت بفتح البنوك التي تعمل تحت مظلتها دون سحب أو إيداع “شكلي” فلا فائدة للبنوك دون سحب وإيداع.
وذكر الباحث أبو قمر أن سلطة النقد تصرّح مرارا عن أزمة فائض الشيكل بالبنوك في “الضفة” فذلك يزعجها، ولكن لا علاقة لها بأزمة السيولة في غزة، معتبرا أنها رسبت منذ بداية الحرب في كل اختبار يتعلق بغزة ونجحت فقط في تأمين رواتب موظفيها “كاش ودون عمولة”، “لتنتقل من سلطة النقد الفلسطينية إلى سلطة النقد لموظفيها فقط، أما عوام الناس وعملاء البنوك فلا علاقة لها بهم”.
ووفق أبو قمر يتشارك معها في الأزمة تجار يجلبون بضائع من الخارج والشرط الإسرائيلي الدفع كاش وعملة جديدة غير مهترئة في طريقة قديمة جديدة لسحب ما تبقى من سيولة -رغم أن ذلك يتناقض بالكامل مع أزمة فائض الشيكل ورفض البنوك الفلسطينية استقبالها.. “ولكن الجميع يغضون النظر عن ذلك” والكلام لأبو قمر
ويقول: “يدرك ذلك التاجر الذي سحب السيولة من غزة بعلم سلطة النقد أن مخطط جديد لسحب المزيد من السيولة بعد فشل مخطط وزير الخارجية الإسرائيلي في إلغاء عملة ال 200 شيكل.. -يقولون في أنفسهم إلغائها غير عملي ولكن يمكننا سحبها من الأسواق عبر أذرعنا من التجار وبصمت من سلطة النقد”.
ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي أنه لا بديل عن إدخال سيولة نقدية للأسواق واستبدال التالف من العملات، ولذلك على سلطة النقد الضغط على الاحتلال للعمل وفق بروتوكول باريس الاقتصادي، منوها إلى ضرورة دعم التحول الرقمي وتقليل الاعتماد على الكاش، لذلك على سلطة النقد تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني (مثل المحافظ الرقمية، الدفع عبر الجوال)، ونشر الوعي بين المواطنين والشركات عن فوائد التعامل الإلكتروني
ودعا إلى إصدار سلطة النقد لنشرات توعوية للمواطنين للتعامل بالعملات القديمة والمهترئة مع التوضيح على انه يمكن استبدالها مع دخول سيولة نقدية للأسواق، بالإضافة لتوقيف حسابات التجار الذين يتعاملون بـ”التكييش” وملاحقة جميع المتعاملين بنسب عمولة على سحب السيولة
وقال من الضروري الإبقاء على البنوك تعمل دون توقف مع إيجاد حلول لصرف نسب معينة من السيولة للعملاء كما كانت تفعل في بداية الحرب في جنوب غزة
غائبة عن دورها
وفي سياق أزمة فقدان السيولة في قطاع غزة وصف أحد المحللين في شأن المال ورجل الأعمال الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية الأوضاع وخطورة القضية أداء سلطة النقد خلال الحرب بأنه ضعيف إلى حد الغياب، خاصة في قطاع غزة. فبينما كانت الأزمة تستفحل، لم يظهر أي دور ملموس لها في إدارة الأزمة، ولا في حماية الناس من الجشع والاستغلال، ولا حتى في تطمين السوق.
وأوضح أنها لم تقم بمسؤولياتها لضمان تدفق السيولة النقدية إلى القطاع عبر التنسيق مع البنوك والمؤسسات الدولية، والضغط لإدخال كميات كافية من النقد (شيكل ودولار) إلى غزة، خاصة بعد انقطاع الرواتب والمساعدات النقدية، كما أنها لم تُفعّل بشكل جاد أدوات الرقابة لمنع استغلال حاجة المواطنين عبر فرض عمولات خيالية.
وبين أنها لم تصدر إجراءات عقابية رادعة ضد المخالفين أو توجيهات شفافة لحماية المستفيدين من التحويلات والمساعدات، فيما غابت المبادرة لتقديم حلول تقنية مرنة، فلم تعمل على إطلاق منصات دفع إلكترونية بديلة أو تسهيل الدفع المباشر للموردين والمحلات لتقليل حاجة الناس للكاش، كما غابت عن محاولة تأمين حلول عبر الهاتف النقال أو المحافظ الرقمية التي يمكن أن تحد من سيطرة “المكيشين”.
ووفق المصدر فإن سلطة النقد غابت عن التواصل العلني والشفاف مع الجمهور، فلم تصدر توضيحات دورية لحالة القطاع المصرفي أو تدابيرها، ما عمّق الفوضى وزاد الشكوك في دورها.
وكشف عن أن مجموعة من التجار بأعداد قليلة يقفون وراء تدهور الوضع المالي في القطاع، وارتفاع أسعار السلع وزيادة حدة تفاقم أزمة السيولة النقدية، لافتا إلى أن العملة النقدية أصبحت تباع وتشترى وهناك تجار من استثمروا أرباحهم في الذهب أو تحويل أموالهم إلى ودائع عبر خدمات مصرفية تسمح بذلك.
وأكد المصدر أن بعض التجار تراكمت عليهم الديون وآخرون استحدثتهم الحرب، وبالتالي عندما يصبح هذا الشخص بشكل فجائي من أصحاب رؤوس الأموال وحسابه المصرفي يتضاعف فإن هذا الأمر يوجب التوقف والتدخل المباشر سواء من قبل سلطة النقد أو البنك.
وبين أن قيمة الودائع لدى أحد البنوك في غزة تضاعفت خلال الحرب بنسبة 200%، في حين انه من الطبيعي في ظل الحرب أن لم تنخفض قيمة الودائع، أن تبقى على ما هي عليه على الأقل، إلا أن البنك، ومن خلفه سلطة النقد يغضان الطرف لتحقيق مصالح فردية وزيادة حجم الودائع.
غير فعالة
ومنذ الانقسام تعمل سُلطة النقد بشكل منقوص في غزة وهو ما أثر على عملها، وفي ضــوء أزمــة الســيولة في قطــاع غــزة، شــجعت ســلطة النقــد الفلســطينية المواطنــين علــى فتــح المحافــظ الإلكترونيــة مثــل «جــوال بــاي» و»بــال بــاي» JAWALPAY) and (PALPAY لتبــادل المدفوعــات، وقامــت بتعزيــز نقــاط البيــع الإلكترونيــة (P.O.S) ونشــرها في المحــال التجاريــة كأدوات للتغلــب علــى أزمــة الســيولة.
ولتسـهيل عمليـة تبـادل الأمـوال بـين الحسـابات المصرفيـة في البنوك المحليـة المختلفـة والمحافـظ الإلكترونيـة، أطلقـت سـلطة النقــد بتاريــخ 2024/5/8 نظــام الدفــع الفــوري «أي-بــراق» (iBURAQ)؛ بهــدف تســريع عمليــة التحويــل والمدفوعــات.
وقالـت سـلطة النقـد في بيـان لهـا إن نظـام «أي بـراق» يمكـن مـن خلالـه تنفيـذ الحـوالات والمدفوعـات بشـكل فـوري، بحيـث يتـم ترصيـد المبلـغ في حسـاب المسـتفيد، وإشـعار الدافـع خـلال مـدة لا تتجـاوز 10 ثـوانٍ.
وســعت ســلطة النقــد الفلســطينية، عبــر قنــوات التواصــل الاجتماعــي الخاصــة بهــا، إلــى تقــديم النصائــح للمواطنين بســرية بياناتهــم الماليــة، وعــدم تقــديم بيانــات حســاباتهم المصرفيــة لأي جهــة غيــر رســمية، وعــدم التعاطــي مــع عمليــات الاحتيــال والنصـب والابتـزاز. ولكـن هـذه الإجـراءات ليسـت كافيـة، حيـث إن المواطـن في هـذه الظـروف بحاجـة أكبـر للتوعيـة بـأدوات التكنولوجيـا الماليـة كبديـل للنقـد، وكذلـك منشـورات تحفيزيـة للانخـراط في هـذه الأدوات، وكذلـك توعيـة بالحقـوق الرقميـة والتوعيـة الماليـة، والتشـجيع علـى الشـكوى ضـد أي ممارسـات ابتـزاز أو احتيـال مالـي.
ورغم الإجراءات التي قامت بها سلطة النقد والتي اعتبرتها هامة للتخفيف من الضغط على الطلب على السيولة في قطاع غزة لكن الوقائع على الأرض أكدت أن تلك الإجراءات لم تكن فعالة في الحد من ظاهرة سماسرة التكييش.
ومؤخرا وتحديدا في مايو أعلنت سلطة النقد الفلسطينية عن استقبال شكاوى المواطنين من قطاع غزة ذات العلاقة بالاستغلال المالي، في خطوة هامة وإن جاءت متأخرة كثيرا.
حاولنا التواصل مع سلطة النقد عبر البريد الإلكتروني، وبالاتصال المباشر على مسؤول دائرة العلاقات العامة والإعلان للحديث عن سبب عدم قيامها بدور فعال في وقف نزيف المال والاستغلال للمواطنين عبر سماسرة التكييش لكننا لم نتلق أي رد حتى كتابة سطور التقرير.
في حين علــل د. رأفــت الأعــرج، المشــرف الإقليمــي للرقابــة بســلطة النقــد الفلسـطينية في قطـاع غـزة، في مقابلة نشرت في دراسة نشرها ائتلاف أمان حملت عنوان “الرقابة والمساءلة على شركات الصرافة في قطاع غزة في ظل حرب الإبادة” تراجـع الـدور الرقابـي بسـبب الظـروف الأمنيـة وحالـة النـزوح دون وجـود أي تعمـد، وأن سـلطة النقــد تحــاول وفــق الإمكانيــات المحــدودة المتاحــة والمتوافــرة حاليــاً متابعــة وحــل المشــاكل ذات العلاقــة بالقطاعــات التــي تخضــع لرقابتهــا، بالشــكل الــذي يحقــق مصلحــة المواطن، ويضمــن حمايــة حقوقهــم.
وأشـار د. الأعـرج، إلـى أنـه ومـن بــن أكثــر الأمــور التــي ســاعدت علــى عــدم توقــف عجلــة تقــديم الخدمــات المصرفيــة خـلال فتــرة الحــرب علــى غــزة، هــي منظومــة الخدمــات الإلكترونيــة المتكاملــة التــي دشــنتها ســلطة النقــد في وقــت ســابق، والتــي كان لهــا بالــغ الأثــر في تمكــن المؤسســات الخاضعــة لرقابــة ســلطة النقــد مــن الاســتمرار في تقــديم خدماتهــا علــى الرغــم مـن كل التحديــات التــي اعتــرت المشـهد في قطـاع غـزة.
الطريق للحل
وفي سياق التوصيات وإمكانيه التخفيف من الأزمة والبحث عن حلول أوصى وائل بعلوشة مدير مكتب ائتلاف أمان في قطاع غزة بزيادة التنسيق بين سلطة النقد الفلسطينية والجهات الحاكمة في قطاع غزة، لتوفير بيئة رادعة للمحتالين والمبتزين، ولحماية المواطنين من الوقوع ضحية الابتزاز والاحتيال، ولتوفير بيئة آمنة لعمل البنوك والصرافين.
ودعا إلى تعزيز الصرافين المرخصين لدى سلطة النقد بقدر أكبر من السيولة، لضمان أدائهم لمهامهم وفق ضوابط سلطة النقد الفلسطينية وتعليماتها، بالإضافة إلى تعزيز المساءلة المجتمعية عبر إنشاء أجسام تنسيقية خلال الحرب، تضم ممثلين عن سلطة النقد، والعشائر، وجهات إنفاذ القانون بغزة، واللجان المحلية، بهدف التنسيق المشترك والقيام بحملات مناصرة لرفض تعرض المواطنين للابتزاز عند محاولة سحب أموالهم من البنوك، أو عند حاجتهم لاستقبال حوالات خارجية، وكذلك التوعية بالحفاظ على مقدرات البنوك، وعدم الإضرار بأجهزة الصرّافات الآلية.
ويرى بعلوشة أنه من الضروري إنشاء مبادرات وطنية من المجتمع المحلي لتعزيز قيم النزاهة والإدارة المحلية والمساءلة المجتمعية، عبر لجان محلية من ممثلي الغرف التجارية، ولجان الأحياء، وممثلي القطاع الخاص، للضغط من أجل إنهاء ظاهرة التكييش والعمولات الطائلة، ونشر قوائم سوداء لمن يثبت تورطه بهذه العمليات ورفعها لجهات الاختصاص لأخذ الإجراءات القانونية بحقهم بعد انتهاء الحرب.
وطالب بالعمل على دعم البنية التحتية لمرافق البنوك خلال الحرب، عبر تزويدها بالسولار وإمدادها بالإنترنت لتشغيل ما أمكن من مقار ومكاتب، وزيادة مستوى التنسيق بين البنوك لتوفير السيولة.
وفيما يتعلق بتوفير السيولة وحل إشكاليات الإصدارات القديمة والعملات المهترئة أوصى الائتلاف ببذل المزيد من الضغط على الاحتلال للسماح بدخول السيولة النقدية واستبدال السيولة المهترئة والإصدارات القديمة من عملة الشيكل، وذلك عبر حملات المناصرة الإقليمية والعالمية والجمعيات التي تنتمي لها سلطة النقد، وكذلك التنسيق مع المؤسسات الدولية لتعزيز طلبهم بإدخال السيولة.
ونادى بضرورة توعية المواطنين والتجار وطمأنتهم بأن العملات المهترئة والإصدارات القديمة من عملة الشيكل تحظى بقوة الإبراء القانوني، وأن السلطة ستقوم باستبدالها فور انتهاء القيود على حركة النقود لقطاع غزة.
وفيما يتعلق بفاعلية الدور الذي تقوم به سلطة النقد في حماية المواطنين من الابتزاز خلال حرب الإبادة الجماعية طالب بعلوشة بتحفيز سلطة النقد لموظفيها على العودة لأداء مهامهم؛ فهي واجب وطني في ظل الظروف الحالية، وفي ظل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، مع زيادة جهود المتابعة الميدانية والزيارات التفقدية لشركات الصرافة والبنوك في المحافظات الجنوبية في قطاع غزة.
ودعا إلى تمكين مراكز سلطة النقد الغربية لمتابعة الشكاوى وممارسة دور رقابي على شركات الصرافة والمخالفين من الصرافين لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين منهم بعد الحرب.
ووفق بعلوشة فإنه من الضروري التعاون مع الغرف التجارية لاتخاذ إجراءات تمنع تقاضي التجار عمولات طائلة عند بيع السيولة النقدية، مع تعزيز العلاقات المشتركة بين المصارف وشركات الدفع الإلكتروني من جهة، وبين نقاط البيع وشركات الدفع الإلكتروني لضمان التيسير على المواطنين من جهة أخرى.
ودعا أمان للمزيد من الدور التوعوي لسلطة النقد على الصعد كافة، لتوجيه المواطنين للأدوات الرقمية، وتقليل الاعتماد على السيولة، والترويج لطرق الدفع الرقمية كبديل آمن للنقد، والتوعية بالحقوق الرقمية والمالية.
وعن التوصيات المتعلقة بتعزيز المساءلة المجتمعية بشأن نظام الشكاوى في القطاع المصرفي في ظل حرب الإبادة الجماعية فيجب أن تصدر سلطة النقد منشورات تشجيعية للمواطنين لحثهم على الإبلاغ عن الشكاوى في حال تعرضهم لممارسات ابتزاز أو احتيال مالي خلال الحرب، والعمل على حل المشاكل التي يواجهها المواطنون.
وذكر بعلوشة أنه مطلوب من اللجان المحلية غير الشرطية، واللجان العشائرية، بذل المزيد من الجهود لحماية مقار البنوك والصرّافات الآلية، مع تعزيز مشاركة الغرفة التجارية في مساءلة المكيّشين من التجار الذين يقومون ببيع السيولة بمعدلات فائدة كبيرة جداً.
