في خطوةٍ لافتة ضمن التوجهات الدبلوماسية الجزائرية المتجددة، أعلنت الجزائر عن قرارين متزامنين يقضيان بتعليق المعاملات المالية الخاصة بعمليات الاستيراد والتصدير مع فرنسا، وفتح المجال بشكل كامل للتجارة مع إسبانيا بعد فترة طويلة من القيود.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار استراتيجيات اقتصادية جديدة تعكس التوترات السياسية مع فرنسا من جهة، وعودة العلاقات مع إسبانيا من جهة أخرى.
تعليق الاستيراد والتصدير مع فرنسا
بداية من 5 نوفمبر، قررت الجزائر إيقاف عمليات التوطين البنكي للمعاملات التجارية مع فرنسا، حيث تلقّت البنوك الجزائرية تعليمات شفهية بذلك خلال اجتماع “جمعية البنوك والمؤسسات المالية”.
ورغم عدم صدور قرار رسمي من البنك المركزي الجزائري، إلا أن وكلاء الشحن في الجزائر بدأوا فعلياً بإبلاغ عملائهم بهذه التوجيهات، مما أدى إلى توقف المعاملات المالية مع فرنسا، باستثناء شحنات معينة تمت قبل الموعد المحدد.
يأتي هذا الإجراء بالتزامن مع تصاعد التوترات السياسية بين الجزائر وفرنسا على خلفية دعم باريس لموقف المغرب حول الصحراء الغربية، حيث أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه للحكم الذاتي المغربي في رسالة للعاهل المغربي وزيارة له في أكتوبر الماضي، مما أثار استياء الجزائر ودفعها لاتخاذ خطوات اقتصادية مضادة.
كما أوقفت الجزائر استيراد القمح الفرنسي لصالح القمح الروسي، ما قلل الواردات من فرنسا بنسبة %80 لتبلغ 166 مليون يورو فقط.
استئناف التعاون الاقتصادي مع إسبانيا
في المقابل، بدأت الجزائر بالانفتاح مجدداً على إسبانيا بعد أكثر من سنتين من القيود الاقتصادية على خلفية دعم مدريد للموقف المغربي في قضية الصحراء الغربية، حيث أصدرت السلطات الجزائرية قراراً يقضي بإلغاء القيود على التوطين البنكي مع إسبانيا.
ووفقاً لتوجيهات البنك المركزي الجزائري، ستستأنف البنوك الوطنية عمليات الاستيراد والتصدير مع إسبانيا بشكل طبيعي، في خطوة تشير إلى تحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
تجدر الإشارة إلى أن هذه القيود تسببت بخسائر كبيرة للشركات الإسبانية، تجاوزت 3.8 مليار يورو سنوياً، كما تسببت في تعطيل سلاسل التوريد، ما دفع الحكومة الإسبانية للجوء إلى الاتحاد الأوروبي للضغط على الجزائر لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
ويعكس هذا التحول الإيجابي تحسن العلاقات بين الجانبين، وسط رفع عدد الرحلات الجوية وتعيين الجزائر سفيراً جديداً في مدريد، فضلاً عن الموقف الإسباني المرحب تجاه قضايا غزة.
انعكاسات اقتصادية وتغيرات في الشراكات التجارية
يعد القرار الجزائري بتعليق التجارة مع فرنسا والتوجه نحو إسبانيا وإيطاليا تحولاً استراتيجياً قد يؤدي إلى تبعات اقتصادية مهمة على الشركات الفرنسية، حيث تعتمد الجزائر بشكل كبير على استيراد السلع من فرنسا، ويقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين بـ11.8 مليار يورو سنوياً.