في نتيجة قد تكون مفاجئة وسط ارتفاع التضخم وهبوط الليرة، تقدمت تركيا بأميال على بقية العالم في تصنيف الثروة العالمية السنوي لعام 2023، حيث نمت الثروة بما يزيد عن 157%.
يعكس هذا الإنجاز التغيرات الجذرية والتحولات الاقتصادية التي شهدتها تركيا في السنوات الأخيرة.
أشار تقرير بنك UBS السويسري في تقرير الثروة العالمية لعام 2024 إلى أن “تركيا تميزت بنمو مذهل يزيد عن 157% في ثروة كل شخص بالغ بين عامي 2022 و2023، مما جعلها تتفوق على جميع الدول الأخرى”.
وجاءت الدول التالية من حيث متوسط نمو الثروة لكل شخص بالغ هي روسيا وقطر بنحو 20%، وجنوب إفريقيا بما يزيد قليلاً عن 16%.
بينما ارتفع متوسط الثروة لكل شخص بالغ في الولايات المتحدة بنحو 2.5%.
وفي تحليل طويل الأمد لتطور متوسط نمو الثروة في البلدان بين عامي 2008 و2023، أشار تقرير بنك UBS إلى أن “التطور الأكثر دراماتيكية حدث في تركيا”، حيث ارتفع متوسط الثروة لكل شخص بالغ في هذه الفترة بنسبة 1708% بالعملة المحلية.
العوامل المؤثرة في النمو الاقتصادي
هناك عدة عوامل ساهمت في هذا النمو السريع، رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي واجهتها تركيا.
فقد تأثرت تركيا بشكل كبير بارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الليرة، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للأفراد.
لكن، ورغم هذه التحديات، تمكن الاقتصاد التركي من تحقيق قفزات نوعية في بعض المجالات.
1. تحسن في أسعار الصرف: ساهم تحسن أسعار الصرف وقوة الدولار في زيادة قيمة الأصول المالية بالليرة التركية، مما أدى إلى زيادة الثروة المقومة بالعملة المحلية.
ورغم أن هذا التحسن كان له آثار سلبية على الدخل الحقيقي، إلا أنه ساعد في تعويض جزء من الخسائر الناجمة عن التضخم.
2. نمو سوق الأصول: شهدت الأسواق المالية في تركيا انتعاشًا بعد فترات من التراجع، مما أدى إلى زيادة قيمة الأصول المالية والعقارية.
وقد ساهم هذا الانتعاش في تعزيز ثقة المستثمرين وزيادة التدفقات الاستثمارية إلى البلاد.
3. استثمارات محلية ودولية: قامت الحكومة التركية بتعزيز الاستثمارات في البنية التحتية والمشاريع الكبرى، مثل مشروع قناة إسطنبول ومطار إسطنبول الجديد.
هذه الاستثمارات لم تسهم فقط في تحفيز النمو الاقتصادي، بل زادت أيضًا من قيمة الأصول العقارية في المناطق المحيطة بهذه المشاريع.
التحديات الاقتصادية
رغم هذه الإنجازات، فإن الاقتصاد التركي لا يزال يواجه تحديات كبيرة. أشار بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في UBS لإدارة الثروات العالمية، إلى أن “كونك غنياً بالأصول لا يعني بالضرورة أن تكون غنياً بالنقد”.
وأضاف: “الكثير من الضغوط التي نشأت في الاقتصاد التركي على مدى السنوات القليلة الماضية جاءت بسبب الدخل الحقيقي السلبي، وليس بالضرورة ما يحدث على جانب الأصول”.
1. التضخم المرتفع: يعتبر التضخم المرتفع واحدًا من أكبر التحديات التي يواجهها الاقتصاد التركي. فقد أدى إلى تآكل القدرة الشرائية للأفراد وزيادة تكاليف المعيشة.
وتعمل الحكومة التركية على تنفيذ سياسات تهدف إلى السيطرة على التضخم، لكن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المطلوب.
2. انخفاض قيمة الليرة: تعاني الليرة التركية من تقلبات كبيرة في قيمتها مقابل العملات الأجنبية، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية.
وقد أثر هذا الانخفاض على المستوردين وزاد من تكاليف السلع والخدمات المستوردة، مما أدى إلى زيادة الضغط على المستهلكين.
3. الديون الخارجية: تواجه تركيا عبء ديون خارجية كبير، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد.
تحتاج الحكومة إلى إدارة هذه الديون بعناية لضمان عدم تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي في المستقبل.
الإصلاحات الاقتصادية
تعمل الحكومة التركية على تنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة تهدف إلى تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي. تشمل هذه الإصلاحات:
1. تحسين بيئة الأعمال: تهدف الحكومة إلى تحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية. يشمل ذلك تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتعزيز الشفافية والمساءلة.
2. تنويع الاقتصاد: تسعى الحكومة إلى تقليل الاعتماد على قطاع البناء وتعزيز القطاعات الأخرى مثل الصناعة والزراعة والتكنولوجيا. هذا التنويع يساعد في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
3. تعزيز التصدير: تعمل الحكومة على تعزيز الصادرات التركية من خلال فتح أسواق جديدة ودعم الشركات المصدرة. ويسهم ذلك في زيادة الدخل القومي وتحسين ميزان المدفوعات.
.
