تُعقد قمة “بريكس بلس” في مدينة قازان الروسية يوم الثلاثاء المقبل، حيث يجتمع أكثر من 20 من قادة الدول لمناقشة مستقبل التعاون الدولي.
تعتبر هذه القمة الأكبر من نوعها في روسيا منذ غزو أوكرانيا في عام 2022، ويسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلالها إلى إثبات أن جهود الغرب لعزل موسكو قد فشلت.
في هذه الأجواء، أجرى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش مكالمة هاتفية مع بوتين بمناسبة الذكرى الـ80 لتحرير بلغراد من النازية، حيث أعرب فوتشيتش عن شكره لروسيا على توفير إمدادات الغاز لصربيا خلال الشتاء.
ومع ذلك، لم يتخذ فوتشيتش قرارًا نهائيًا بشأن حضوره القمة، محذرًا من أن المشاركة قد تؤدي إلى توتر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أنه لن يحضر القمة في روسيا، لكن سيشارك عبر دائرة تلفزيونية.
كما أكد الكرملين أن قادة جميع الدول الأعضاء في “بريكس” سيشاركون، باستثناء السعودية التي ستوفد وزير خارجيتها.
تمثل قمة قازان فرصة نادرة لروسيا لاستعراض قوتها الدبلوماسية في وقت تعاني فيه من ضغوط شديدة بسبب الصراعات الجارية في أوكرانيا، ومن المتوقع أن تناقش القمة مقترح بوتين لإنشاء نظام دفع خاص بالدول الأعضاء، وهو ما يُعتبر منافسًا لنظام “سويفت” المالي العالمي، والذي استُبعدت منه روسيا نتيجة العقوبات الغربية.
ومع تزايد المخاوف الغربية من استخدام روسيا لهذا التكتل لتوسيع نفوذها، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي من أن انتصار بوتين في النزاع قد يشجع دولًا أخرى على القيام بأعمال عدوانية مشابهة.
وفي الوقت ذاته، تتبنى مجموعة “بريكس” موقفًا محايدًا تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، مع عدم وضوح كيفية تأثير ذلك على العلاقات الداخلية بين الأعضاء.
تأسست مجموعة “بريكس” في عام 2006، وكانت تضم في بدايتها البرازيل، روسيا، الهند، والصين، قبل أن تنضم إليها جنوب أفريقيا في عام 2010.
ونتيجة لتوسعها، ظهرت مجموعة “بريكس بلس” التي تشمل دولًا مثل إيران، الإمارات، ومصر، حيث تقدمت أكثر من 30 دولة بطلبات رسمية للانضمام.
يعد هذا التوسع تعبيرًا عن الاهتمام المتزايد من الدول النامية بالتعاون مع روسيا والصين، خصوصًا في ظل ما يصفه العديد من المراقبين بوجود بديل محتمل للرأسمالية الغربية.
تستغل روسيا القمة لتعزيز موقفها الجيوسياسي، حيث تسعى لتقديم نموذج اقتصادي بديل من خلال التركيز على تقوية الروابط الاقتصادية بين الدول الأعضاء، وتعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة، وهي خطوة يبدو أنها تلقى دعمًا متزايدًا بين الدول الأعضاء.
في السياق الاقتصادي، يعتبر المعهد الأميركي لدراسات السلام أن مجموعة “بريكس بلس” تمثل أكثر من 45% من سكان العالم و28% من الناتج الاقتصادي العالمي.
هذا الاستحواذ يجعل من المجموعة لاعبًا أساسيًا على الساحة العالمية، رغم أن التحديات الداخلية مثل الصراعات الإقليمية والعقوبات المفروضة على روسيا قد تعرقل تقدمها.
من الجدير بالذكر أن قمة “بريكس بلس” تأتي في وقت حساس، حيث تؤثر الصراعات الإقليمية على استقرار الاقتصاد العالمي. تزايدت الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا، بينما يبقى الغزو الروسي لأوكرانيا محورًا رئيسيًا للنقاش.
في حين يسعى البنك الجديد للتنمية، الذي أُسس في إطار “بريكس”، إلى تقديم قروض لمشاريع التنمية، إلا أن العقوبات المالية التي تواجهها روسيا تظل عائقًا أمام تقدمها.
في الختام، إن قمة “بريكس بلس” تمثل فرصة مهمة لروسيا لاستعراض قوتها على الساحة الدولية في ظل التحديات القائمة، ويظهر الاهتمام المتزايد من دول جديدة للانضمام إلى هذا التكتل، ما قد يعيد تشكيل التحالفات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.