تواجه صناديق الاستثمار الأمريكية الكبرى، بما في ذلك “فيديليتي” و”تي رو برايس”، تحديات جديدة بسبب الارتفاع الكبير في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، ما دفعها إلى إجراء تغييرات جذرية على استثماراتها لتجنب الوقوع في مشاكل مع مصلحة الضرائب الأمريكية.
يُلزم القانون الأمريكي شركات الاستثمار بتقليل نسبة الحيازات الكبيرة إلى أقل من 50 % من إجمالي المحفظة، حيث تعد الحيازات الكبيرة أي ممتلكات تمثل أكثر من 5 % من إجمالي الأصول.
ومع ارتفاع أسعار أسهم شركات مثل “إنفيديا” و”مايكروسوفت”، اقتربت حيازات بعض الصناديق من هذا الحد، مما جعل من الضروري تقليص بعض الاستثمارات للامتثال للقيود القانونية.
أدى ارتفاع الأسهم التكنولوجية إلى تركيز استثمارات بعض الصناديق بشكل كبير في هذه الشركات، ما يُعتبر أمراً محفوفاً بالمخاطر حسب القوانين الضريبية، حيث تهدف هذه القوانين إلى حماية المستثمرين من الاعتماد المفرط على عدد قليل من الأصول وإجبار الصناديق على تنويع محافظها.
وترتبط هذه التحديات بما يسمى بـ”الارتفاع غير المتوازن”، حيث تعتمد السوق بشكل كبير على نمو مجموعة صغيرة من شركات التكنولوجيا التي استحوذت على نسبة كبيرة من مكاسب مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.
يُعد هذا التركيز في السوق غير اعتيادي ويزيد من المخاطر التي تواجه الصناديق النشطة، والتي تعاني بالفعل من صعوبة في التفوق على المؤشرات بسبب العوائد المتزايدة في قطاعات محددة.
وللتوضيح، ساهمت خمس شركات كبرى – “إنفيديا”، “أبل”، “ميتا”، “مايكروسوفت”، و”أمازون” – بحوالي 46 % من مكاسب مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” هذا العام، مما زاد من حدة التركيز.
وهذا النمو المرتفع في أسهم التكنولوجيا يُجبر مديري الصناديق على اتخاذ قرارات صعبة، إذ يتعين عليهم بيع جزء من أسهم تلك الشركات الكبيرة لتجنب تجاوز الحد المسموح به، مما قد يؤدي إلى تكاليف ضريبية على مكاسب رأس المال، ويؤثر سلباً على أداء الصندوق.
في هذا السياق، صرح ستيفن دي دي هاميلتون، الشريك في شركة المحاماة “Faegre Drinker” والمتخصص في القضايا الضريبية، أن الصناديق التي تتمتع بحيازات شديدة التركيز قد تضطر إلى بيع جزء من الأسهم لتحقيق التوازن المطلوب، مشيراً إلى أن هذا الحل ليس مثالياً.
وأضاف أن الضرائب على مكاسب رأس المال الناتجة عن بيع الأسهم الكبيرة يمكن أن تؤثر على العوائد السنوية للصندوق، مما يجبر مديري الصناديق على الموازنة بين الامتثال للوائح والحفاظ على الأرباح.
من ناحية أخرى، يبرز هذا الوضع التحديات التي تواجهها صناديق الاستثمار الأمريكية النشطة، والتي تتطلب من مديريها إيجاد استراتيجيات جديدة للتفوق على أداء السوق المتصاعد، خصوصاً مع تحول تركيز المستثمرين نحو عدد قليل من الشركات الكبرى.
ويعمل العديد من هذه الصناديق بالفعل بالقرب من حد الـ50 %، مما يضع قيوداً صارمة على إمكانية إضافة المزيد من الحيازات في أسهم الشركات الكبرى.
يعزز هذا الوضع من تعقيد الإدارة المالية لهذه الصناديق، حيث يجب اتخاذ قرارات مدروسة للحفاظ على التوازن المطلوب، وتجنب تركيز الاستثمارات في عدد قليل من الشركات التكنولوجية التي تستمر في تحقيق مكاسب كبيرة.
يتضح من هذه التطورات أن الطفرة التكنولوجية الحالية وضعت صناديق الاستثمار الأمريكية الكبرى في موقف صعب، إذ أجبرها النمو السريع في أسهم التكنولوجيا على إجراء تغييرات جذرية لتجنب المخاطر التنظيمية.
هذا الوضع يشير إلى أنه رغم أهمية النمو التكنولوجي، إلا أن الاعتماد المفرط عليه في السوق قد يؤدي إلى تحديات كبيرة تتطلب استراتيجيات معقدة لتحقيق التوازن بين الامتثال القانوني والحفاظ على العوائد المستقرة للمستثمرين.