أصدر صندوق النقد الدولي اليوم الأربعاء تقرير “الراصد المالي” خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعام 2024 في واشنطن.
يتناول التقرير المخاطر المتزايدة المتعلقة بآفاق الديون العالمية، التي وصفها التقرير بأنها تسير في اتجاه تصاعدي ملحوظ.
وحسب التقرير، في سيناريو شديد السلبية، قد تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 115% بحلول عام 2026، نتيجة لمستويات الدين المرتفعة الحالية التي تُضخم تأثيرات النمو الاقتصادي الضعيف أو تشديد الأوضاع المالية وتوسع الفروقات في مستويات الدين المستقبلية.
أشار التقرير إلى أن استقرار الديون أو تقليصها يتطلب تعديلات مالية تفوق ما هو مخطط له حاليًا، مؤكدًا على ضرورة اغتنام الفرصة الحالية لإعادة بناء الهوامش المالية، حيث إن التأخير في ذلك سيكون مكلفًا.
ودعا التقرير إلى تحقيق الاستقرار المالي من خلال إجراءات تعزز النمو والحوكمة المالية لضمان استدامة واستقرار المالية العامة.
أشار التقرير إلى أن الدين العام العالمي مرتفع للغاية، إذ من المتوقع أن يتجاوز 100 تريليون دولار، بما يمثل حوالي 93% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2024، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع ليقترب من 100% من الناتج المحلي بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من التوقعات باستقرار الدين أو انخفاضه في بعض الدول، فإن الدين سيظل أعلى بكثير من المستويات المتوقعة قبل جائحة كوفيد-19، مع استمرار ارتفاعه في بعض الدول الكبرى، والتي تشكل نصف إجمالي الدين العالمي ونحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
تختلف مخاطر الدين بشكل كبير بين الدول. ففي الاقتصادات المتقدمة، انخفضت المخاطر المتوقعة بعد ثلاث سنوات من ذروتها أثناء الجائحة إلى نحو 134% من الناتج المحلي الإجمالي.
أما في اقتصادات الأسواق الناشئة والدول النامية، فقد ارتفعت مخاطر الدين إلى 88% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير التقرير إلى أن هذه الفجوة بين مجموعات الدول تعود لمستويات الدين الأولية الأعلى في الاقتصادات المتقدمة وللعجز المالي الكبير في الاقتصادات النظامية مثل الولايات المتحدة والصين، حيث تلعب الأوضاع المالية في الأسواق الناشئة والبلدان النامية دورًا أكبر في زيادة مخاطر الدين.
يشير تقرير “الراصد المالي” إلى أن العوامل العالمية باتت تؤثر بشكل متزايد في تقلبات كلفة الاقتراض الحكومي عبر الدول، ويعزى ذلك إلى المستويات العالية للديون وعدم اليقين حول السياسات المالية والنقدية.
وقد تتسبب هذه الظروف في تقلبات أكبر للعوائد السيادية وأخطار الديون في الدول المختلفة، خاصة تلك ذات الأهمية النظامية.
بحسب تقرير الراصد المالي ، يتطلب استقرار أو تقليص الديون تعديلات مالية حاسمة تراوح بين 3 و4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط.
ويوضح التقرير أن الخطط الحالية للتعديل المالي أقل من المطلوب لتحقيق استقرار أو خفض الديون.
كما يشير إلى أن التأخير في تنفيذ هذه التعديلات سيزيد من حجم التعديلات المطلوبة، وقد يؤدي إلى ردود فعل سلبية من الأسواق، وهو ما يحد من مرونة الحكومات في مواجهة الصدمات.
يقترح التقرير أن على الدول ذات الاقتصادات المتقدمة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وإصلاح نظم الاستحقاقات الاجتماعية، وزيادة الإيرادات من الضرائب غير المباشرة، وإلغاء الحوافز الضريبية غير الفعالة.
أما الأسواق الناشئة والدول النامية، فلديها إمكانيات أكبر لتعزيز الإيرادات من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتقليص الاقتصاد غير الرسمي، بجانب تحديث أنظمة إدارة الإيرادات وزيادة كفاءة جباية الضرائب.
وأكد صندوق النقد الدولي على أهمية تعزيز الحوكمة المالية، حيث دعا الدول إلى تقديم معلومات شفافة ودقيقة حول تكوين الديون ومرتكزات الدائنين، ومراقبة الالتزامات الطارئة المرتبطة بالمؤسسات الحكومية.
وشدد على ضرورة توفير معلومات مفصلة للجمهور، خصوصًا فيما يتعلق بالتعرض للمخاطر وتنوع الأدوات المالية.
تتطلب الدول التي تواجه ضغوط ديون أو ديونًا غير مستدامة إعادة هيكلة فعالة ومدروسة للديون لاستعادة الاستدامة المالية.
أشار التقرير إلى أن الجهود الدولية الأخيرة قد ساهمت في تبسيط عمليات إعادة هيكلة الديون السيادية، وتسريع إنجازها.
كما دعا إلى تكثيف التنسيق الدولي لضمان توفير التمويل الميسر للدول النامية، لتجنب الانزلاق في حالات تقشف غير مبرر.