كشفت سجلات العاملين بالخارج عن وصول تحويلات المصريين في الخارج إلى 355 مليار دولار بين عام 2000 وعام 2023، ما يعكس الدعم الكبير الذي يقدمه المغتربون لمصر على مدار سنوات طويلة.
بالرغم من ذلك، لم تخلُ هذه التحويلات من تحديات، حيث كانت هناك فجوة بين سعري الصرف الرسمي والسوق الموازية في بعض الأوقات، مما أثر على حجم التحويلات وأداء الاقتصاد المصري بشكل عام.
في العام الماضي، سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج انخفاضاً قدره نحو 10 مليارات دولار، حيث بلغت 22 مليار دولار في عام 2023، مقابل أعلى مستوى سجلته في عام 2022، والذي بلغ 31.6 مليار دولار، وفقاً لتصريحات حكومية.
هذا الانخفاض يشير إلى تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية على مستوى التحويلات، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة لجذب وتحفيز المغتربين على إرسال أموالهم إلى الوطن.
سها جندي، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أكدت أن مصر احتلت المركز السادس كأعلى دولة في العالم من حيث تحويلات مواطنيها العاملين بالخارج خلال عام 2022، وفقاً لمؤشرات البنك الدولي.
ورغم انخفاض قيمة التحويلات في عام 2023، تمكنت مصر من تحقيق المركز الخامس على مستوى العالم، مما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على الحفاظ على مكانته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأضافت الوزيرة أن الأزمات الاقتصادية العالمية، وما تعرض له الاقتصاد المصري من ضغوط، ساهمت في توسيع الفجوة بين سعري الصرف الرسمي والسوق الموازية.
وأشارت إلى وجود ما سمته “جماعات الشر” التي كانت تستهدف أموال المصريين بالخارج، بهدف إبقاء هذه الأموال خارج الاقتصاد المصري، حتى وإن كان ذلك عبر شراء هذه الأموال من المصريين بسعر يفوق سعر الصرف في السوق الموازية.
يُقدر عدد المصريين العاملين بالخارج بنحو 14 مليون شخص، حيث يعمل معظمهم في دول الخليج العربي.
تأتي السعودية في صدارة وجهات العاملين المصريين، حيث يعمل بها نحو 2.5 مليون مصري، تليها الإمارات والكويت، حيث يعمل بكل منهما نحو 600 ألف مصري، وفقاً لتصريحات متلفزة لوزيرة الهجرة العام الماضي.
هذا الانتشار الواسع للمصريين في الخارج يعكس الدور المهم الذي يلعبه هؤلاء في دعم الاقتصاد الوطني.
تمثل تحويلات المصريين بالخارج أحد أهم مصادر العملات الأجنبية للاقتصاد المصري، بجانب عائدات السياحة وقناة السويس. ومع ذلك، واجه الاقتصاد المصري ضغوطاً قوية نتيجة تراجع الموارد الدولارية خلال السنوات الأخيرة.
فإلى جانب انخفاض تحويلات المصريين بالخارج، تسببت التوترات الحالية في البحر الأحمر، وخصوصاً الهجمات الحوثية على السفن التجارية في منطقة باب المندب، في تراجع العائدات الدولارية لقناة السويس بنسبة تزيد على 42%، وفقاً لبيان سابق لهيئة القناة.
إن استمرار التحديات الاقتصادية وتذبذب تحويلات المصريين بالخارج يشير إلى ضرورة وضع استراتيجيات جديدة لدعم وتعزيز هذه التحويلات، إضافة إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي الداخلي.
ويتطلب هذا تنسيقاً متكاملاً بين الحكومة والمجتمع الدولي، لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتوفير بيئة اقتصادية مواتية لجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز تحويلات المغتربين.
في ظل هذه الظروف، تبقى جهود الحكومة في تحسين المناخ الاقتصادي وتعزيز العلاقات مع الدول المستضيفة للمصريين في الخارج أمراً بالغ الأهمية.
ويجب أن تركز الاستراتيجيات المستقبلية على تجاوز الفجوات الاقتصادية وتفعيل السياسات التي تسهم في تقليل الفجوة بين سعري الصرف، مما يضمن استمرار تدفق تحويلات المصريين بالخارج ويساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي لمصر.