اختتمت مجموعة “بريكس” قمتها في مدينة قازان الروسية بالدعوة إلى إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مع التأكيد على أهمية زيادة تمثيل الدول النامية في المؤسستين الدوليتين.
وقد شددت المجموعة في بيانها الختامي على الحاجة إلى تعديل النظام المالي الدولي الحالي، مع الإعراب عن قلقها إزاء التأثير السلبي للعقوبات الأحادية على الاقتصاد العالمي.
كما أعربت المجموعة عن دعمها لتدابير إصلاح منظمة التجارة العالمية، ورحبت بزيادة استخدام العملات الوطنية في المعاملات التجارية بين دول “بريكس” وشركائها.
وتأتي هذه الخطوة في إطار توجه المجموعة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بوسائل تقلل من الاعتماد على الدولار.
ورغم ترحيبها باستخدام العملات المحلية، أكدت بعض الدول الأعضاء، بما فيها الهند وجنوب أفريقيا والإمارات، أنها لا ترى في الوقت الحالي حافزاً كافياً للتخلي الكامل عن النظام المالي العالمي القائم على الدولار.
كما أعربت هذه الدول عن رفضها تصوير “بريكس” كتحالف معادٍ للولايات المتحدة، بحسب تقرير صدر عن بلومبرغ.
توسع غير مسبوق في عضوية “بريكس”
جاءت قمة هذا العام كأول قمة للمجموعة بعد انضمام الإمارات وإيران ومصر وإثيوبيا إلى عضويتها مطلع العام الجاري، ما رفع عدد الأعضاء إلى تسعة.
وبهذا التوسع، تسعى “بريكس” إلى زيادة نفوذها العالمي، خاصةً وأنها تضم دولاً تشكل معاً 26% من الاقتصاد العالمي و45% من سكان العالم.
وتتوقع المجموعة أن تستقطب المزيد من الدول، حيث أبدت أكثر من 30 دولة، بما فيها تايلندا والجزائر وتركيا، رغبتها في الانضمام.
ومع ذلك، تنقسم الآراء بين الدول الأعضاء حول الحاجة إلى توسيع العضوية بشكل كبير في هذه المرحلة، خاصةً فيما يخص استيعاب دول قد لا تشارك الأهداف الجيوسياسية نفسها.
دعم مبادرة بورصة الحبوب
وفي سياق القمة، طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقترحاً لإنشاء بورصة للحبوب بين دول المجموعة، بهدف تعزيز التعاون في قطاع الزراعة.
وقد أُدرج المقترح في البيان الختامي للقمة الذي أشار إلى أن البورصة قد تتوسع لتشمل قطاعات زراعية أخرى مستقبلاً. ويأتي هذا الاقتراح في إطار جهود روسيا لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول “بريكس”، وسط سعي موسكو للبحث عن أسواق جديدة في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها.
تقدم “بريكس” في مواجهة “مجموعة السبع”
تتزايد أهمية “بريكس” الاقتصادية، حيث من المتوقع أن تبلغ حصة المجموعة من الاقتصاد العالمي حوالي 36.7% بنهاية عام 2024، متجاوزة بذلك حصة “مجموعة السبع” (G7) التي تمثل نحو 30%.
ومع هذه النسب، يعتقد الخبراء أن توسع المجموعة يمكن أن يشكل توازناً جديداً على الساحة الاقتصادية العالمية، خصوصاً في ظل التقلبات الاقتصادية والمالية التي يشهدها العالم.
وقد أكد زعماء “بريكس” خلال القمة على أهمية تنفيذ استراتيجية الشراكة الاقتصادية حتى عام 2025، التي تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات عدة تشمل الاستثمار والتجارة والبنية التحتية.
وأشار البيان الختامي إلى الترحيب بإنشاء منصة استثمارية جديدة تعتمد على بنية بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة، ما يعكس التزام الدول الأعضاء بتحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز التعاون بين أعضائها.
رغبة تركيا في الانضمام وتطلعات جيوسياسية
تركيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أبدت رغبتها في الانضمام إلى “بريكس”، حيث يرى مسؤولون في حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الانضمام يمكن أن يمنح البلاد فرصة لتوسيع نفوذها خارج نطاق حلفائها التقليديين في الغرب.
ويعتبر هؤلاء المسؤولون أن تحول مركز الثقل الجيوسياسي باتجاه الاقتصادات الناشئة يوفر لتركيا فرصاً لتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع دول مثل روسيا والصين، وبالتالي تعزيز مكانتها العالمية.
أهمية قمة قازان كرسالة سياسية
تُعد قمة “بريكس” في قازان من أكبر التجمعات العالمية التي تستضيفها روسيا منذ بدء النزاع في أوكرانيا، حيث ينظر الكرملين إليها كفرصة لإظهار قوة بوتين على الساحة الدولية، وتقديم روسيا كدولة لا تزال قادرة على لعب دور محوري في العالم رغم العقوبات الغربية.
ستنتقل رئاسة مجموعة “بريكس” إلى البرازيل، التي من المقرر أن تستضيف قمة “مجموعة العشرين” (G20) الشهر المقبل، بعد انتهاء رئاسة الهند للمجموعة في العام الماضي، على أن تستضيف جنوب أفريقيا القمة في عام 2025.