انكمش الاقتصاد البريطاني للشهر الثاني على التوالي، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر بنسبة 0.1%، وهو نفس معدل التراجع الذي شهده سبتمبر 2024.
وأكد مكتب الإحصاء البريطاني أن هذه النتائج جاءت متوافقة مع توقعات الخبراء، مما يبرز استمرار الأداء الاقتصادي الضعيف في ظل حكومة جديدة تولت السلطة عقب الفوز الكاسح لحزب العمال في انتخابات يوليو الماضي.
وعلى الرغم من تعهدات حزب العمال برفع مستويات المعيشة وتحقيق نمو اقتصادي يتصدر دول مجموعة السبع، إلا أن تنفيذ هذه الوعود يبدو معقدًا في ظل التحديات المالية التي تواجهها البلاد.
وأقرت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، بأن هذه الأرقام مخيبة للآمال، مؤكدة التزام الحكومة بالسعي لتحقيق النمو الاقتصادي لتحسين مستويات المعيشة. ومع ذلك، تواجه الحكومة فجوة مالية متزايدة تهدد قدرة الميزانية على تلبية هذه الطموحات.
تضمنت ميزانية ريفز الأولى زيادة في الضرائب بمقدار 40 مليار جنيه سنويًا، وهي أكبر زيادة منذ ثلاثة عقود، بهدف سد عجز قدره 22 مليار جنيه ورثته الحكومة الجديدة عن إدارات المحافظين السابقة.
ومع ذلك، فإن ارتفاع تكلفة الاقتراض وتباطؤ النمو الاقتصادي يهددان بإلغاء الهامش المالي المتاح للوزيرة لتحقيق أهدافها، ما قد يضطرها إلى اتخاذ إجراءات مالية إضافية قبل ميزانية عام 2025.
وفقًا لمعهد الدراسات المالية، فإن زيادات الضرائب الحالية تعادل 1.25% من الناتج الاقتصادي، وهي نسبة نادرة الحدوث إلا في حالات أزمات اقتصادية كبرى، مثلما حدث في عام 1993.
ويرى خبراء أن الوزيرة قد تواجه خيارًا صعبًا بين زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق، وهو أمر قد يؤثر سلبًا على التعافي الاقتصادي الذي وعدت الحكومة بتحقيقه.
كما أشارت تقارير مالية إلى أن ردود فعل السوق تجاه ميزانية الحكومة الأخيرة أظهرت مخاطر كبيرة، حيث ارتفعت عوائد سندات الحكومة البريطانية نتيجة للاقتراض الإضافي، ما يعزز الضغوط على قاعدة الاستقرار المالي التي تهدف إلى تمويل الإنفاق اليومي بالضرائب بحلول عام 2030.
تأتي هذه التطورات في وقت تتطلع فيه الحكومة الجديدة إلى إصلاحات اقتصادية شاملة واستعادة الاستقرار المالي بعد سنوات من إدارة المحافظين. ومع ذلك، فإن الطريق نحو تحقيق هذه الأهداف يبدو محفوفًا بالعقبات، مما يضع الاقتصاد البريطاني أمام مرحلة جديدة من التحديات.
